وكالة أرصفة للأنباء/ متابعة خاصة
حالة من القلق والرفض تنتاب الأوساط العربية والإسلامية
جراء صدور تشريع أمريكي تحت اسم " قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب" باعتباره
يخالف المبادئ الثابتة في القانون الدولي..
عدد من الدول العربية والإسلامية أعربت عن قلقها من
إقرار الكونغرس الأمريكي القانون الذي يجيز لعائلات ضحايا اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر
بمقاضاة دولاً أجنبية يزعم تورطها في الأحداث، ومطالبتها بتعويضات.
خبراء ومختصون قانونيون ومحللون سياسيون انتقدوا قيام
الكونغرس الأمريكي بإقرار القانون الذي يسمح بمقاضاة دولاً من قبل ضحايا أحداث 11 سبتمبر
2001.
مؤكدين أن التشريع يتضمن أحكاما تتعارض مع مبدأ
سيادة الدول، ومن شأنه إضافة المزيد من التوتر على الأوضاع غير المستقرة في المنطقة.
وحذر مراقبون من تبعات هذا القانون الخطيرة، في حال تم إقراره..
جدل واسع
في حين اعتبره آخرون ورقة ضغط على دول عربية
وإسلامية للسماح للنفوذ الإيراني بالتمدد على حساب الإسلام السني..
وهو ما حذر من تبعاته الخطيرة مراقبون صنفوا
القانون بإجراء لاستمرار فكر 11 سبتمبر الأمريكي بإظهار الإسلام ودول عربية
وإسلامية بأنهم متورطون بالإرهاب..
مؤخراً وافق مجلس النواب الأمريكي على مشروع قانون
يسمح لعائلات ضحايا هجمات 11 أيلول/ سبتمبر بمقاضاة الجهات الأجنبية الراعية، التي
يزعمون أنها وراء الهجمات. وكان مجلس الشيوخ مرر المشروع في أيار/ مايو الماضي..
وأكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في تصريحات سابقة،
معارضته لمشروع هذا القانون "الذي أثار جدلا واسعا"، وقال أوباما إنه سيستخدم
حق النقض (فيتو) ضد مشروع القانون إذا ما أقره الكونجرس.
ومن حينها بات يتعين على الرئيس الأميركي اتخاذ قراره
بشأن هذا القانون، الذي كان قد عارضه بشدة. لكن إذا رفض أوباما مشروع القانون، يمكن
للكونغرس تمريره بأغلبية ثلثي أعضاء المجلسين.
والاثنين أكد البيت الأبيض أن الرئيس أوباما سيستخدم
حق النقض "فيتو" ضد قانون ما يسمى بـ"العدالة ضد رعاة الإرهاب"
الذي أقره الكونغرس والذي يسمح لعائلات ضحايا هجمات 11 أيلول/سبتمبر بمقاضاة دول مثل
السعودية التي حمل جنسيتها 15 شخصا من 19 نفذوا الاعتداءات.
معارضو المشروع
وسبق لمراقبين القول أنه حتى في حال استخدام اوباما
الفيتو، فهذا لا يعني تلقائيا أن القانون لن يرى النور، إذ يمكن للكونغرس أن يتخطى
الفيتو الرئاسي ويصدر القانون إذا أقره مجددا مجلسا الشيوخ والنواب بأغلبية الثلثين
هذه المرة..
وهو أمر لم يستبعده المراقبون في ظل هيمنة الجمهوريين
على المجلسين. والجمعة الماضية، أقر مجلس النواب الأمريكي مشروع القانون ، بعد عدة
أشهر من إقرار المشروع ذاته من قبل مجلس الشيوخ.
وقد أصر مقدم مشروع القانون عضو الكونغرس عن نيويورك
جيرالد نادلر على طرحه للتصويت قبيل الذكرى الـ 15 للعمليات الإرهابية.
ويؤكد معارضو "مشروع قانون 11 سبتمبر/أيلول"
أن بإمكان هذا القانون أن يفسد تماما العلاقات مع الدول التي يستهدفها القانون، ويؤدي
إلى إصدار قوانين صارمة لمعاقبة مواطني وشركات الولايات المتحدة في بلدان أخرى.
فقد قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية إليزابيث
ترودو في إيجاز صحافي "إننا نحن كما في السابق ملتزمون بتقديم المساعدات الممكنة
لأسر ضحايا العمليات الإرهابية في 11 سبتمبر/أيلول. ولكننا نعتقد أن قرار الكونغرس
يمكن أن تكون له عواقب سلبية، تشمل مصالح الولايات المتحدة وأمنها القومي".
وأضافت: "سوف نستمر في مناقشة موضوع 11 سبتمبر/أيلول
مع المملكة السعودية. أما بالنسبة لعلاقاتنا مع الرياض فسوف تبقى متينة".
انتهاك القانون الدولي
انتقد خبراء في القانون الدولي ودبلوماسيون ومتخصصون
في شؤون الفرق الإسلامية قيام الكونغرس الأمريكي بإقرار قانون ما يسمي “العدالة ضد
رعاة الإرهاب” الذي يسمح بمقاضاة دولاً من قبل سكان ضحايا أحداث 11 سبتمبر 2001.
وأكدوا أن هذا القانون يتضمن أحكاما لا تتوافق مع مبادئ
ميثاق الأمم المتحدة أو مع القواعد المستقرة في القانون الدولي، ومن شأنه إضافة المزيد
من التوتر على الأوضاع غير المستقرة في المنطقة ويتعارض مع مبدأ السيادة التي تتمتع
بها الدول وفقا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وأشار مراقبون إلى أن هذا القانون سيقوض الحرب الدولية
ضد الإرهاب في ظل التبعات الخطيرة المرتبطة بتطبيق هذا القانون على المبادئ الدولية
الراسخة والمرتبطة بمبدأ السيادة، التي تمثل ركنا أساسيا في العلاقات الدولية.
وطالبوا الحكومة الأمريكية بوقف مثل هذا القانون حماية
لمبادئ القانون الدولي وتحقيقا للمصلحة الدولية.
الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة
اعتبر أن القانون الذي أصدره الكونغرس الأمريكي لا يتعدى حدود الدولة التي صدر فيها.
وقال إن أي تشريع في أي دولة لا يستطيع أن يتخطى حدودها
لان القانون الدولي هو الأسمى الأعلى. وأشاد سلامة بجهود السعودية ضد الإرهاب..
مشيرا إلى انه منذ الثمانينات تعتبر المملكة من أكبر
عشر دول في العالم تكافح لاجتثاث الإرهاب ولا زالت تكافحه حتى الآن..
فكر 11 سبتمبر
السفير رخا احمد حسن مساعد وزير الخارجية المصرية
الأسبق وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية أكد أن هذا القانون يمثل إجراء لاستمرار
فكر 11 سبتمبر الأمريكي نفسه، وهو إظهار أن الإسلام والدول الإسلامية تحديدا المملكة،
لأنها مقر الأماكن الإسلامية المقدسة، متورطون في الإرهاب..
وفيما قال أن الغموض مازال يحيط بأحداث 11 سبتمبر
2001، والتخطيط لها وتنفيذها بهذه الدقة والإحكام يؤكد تورط أجهزة مخابراتية في تنفيذها.
وصف الدبلوماسي المصري هجمات 11 سبتمبر بأنها كانت
بمثابة "سحر انقلب على الساحر"، لأن أمريكا تمكنت بتأسيس تنظيم القاعدة لمحاربة
القوات السوفيتية التي كانت تحتل أفغانستان في الثمانينيات، وقدموا لهم الدعم المادي
واللوجستي والتدريب، واتخذوا من الشباب المتدين المتزمت نواة لها..
وأضاف حسن:" وبعد انتهاء الاحتلال السوفيتي قامت
أميركا بإطلاق يد تنظيمي القاعدة وطالبان في أفغانستان، إلا أنهم اتخذوا منها نقطة
انطلاق للعالم العربي لمحاربة الدول الإسلامية".
ولفت أن أحداث 11 سبتمبر كانت نقطة تحول كبيرة في السياسة
الأمريكية وتغيير وجه العالم العربي، إذ أكدت أمريكا أن معاركهم المقبلة ستكون "انتصارا
بلا حرب"، حسب تصريحات الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون.
وأشار مساعد وزير الخارجية المصرية الأسبق إلى أن أحداث
11 سبتمبر فتحت الباب في مقابل أميركا لغزو أفغانستان، ومنه تمكنت بغزو العراق عام
2003، ومنذ هذا التاريخ والعالم العربي يتمزق..
وأضاف:" فالولايات المتحدة الأمريكية حينها ادعت
أن العراق سيكون نموذجا للحرية والديمقراطية وهو ما لم يحدث، وهذا يؤكد أن أحداث
11 سبتمبر كانت مبررا للتدخل الأمريكي الغربي في الدول العربية، وما نحياه الآن تبعات
لهذه الأحداث".
وأكد وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية أن ذلك لم
يتحقق بعفوية أو وليد الصدفة، ومع ذلك تم رسمه وتنفيذه من قبل المخابرات الأمريكية
والغربية، والدليل على ذلك وجود 25-30 ألف مقاتل أجنبي في سوريا، ويمدونهم بالإعاشة
والعدة والعتاد.
ورقة ضغط
الخبير والباحث في شؤون الحركات الإسلامية/ ماهر فرغلي
قال أن أمريكا خلال الأعوام المنصرمة بدأت تتبع سياسة الانسحاب للداخل والفوضى الخلاقة
والحرب بالوكالة، لأنها تريد غلق قنوات القتال التي فتحتها بعد الهجمات، لتنيب عنها
دولاً أخرى كما تفعل الآن مع إيران.
وفيما اعتبر هذا القانون الذي أقره الكونغرس الأمريكي
يمثل ورقة ضغط على المملكة لتسمح للنفوذ الإيراني بالتمدد.
قال فرغلي أن تلك السياسة انعكست على موقف الرئيس الأمريكي
باراك أوباما من الحرب السورية، إذ أنه كان قادرا على التدخل المباشر في سوريا وإسقاط
بشار الأسد كما فعل بوش الابن مع الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، بيد انه فضل الحفاظ
على رجاله واقتصاده ودعم حركات أخرى تعمل على تحقيق الطموحات الأمريكية في المنطقة.
وأشار الخبير المصري إلى أن هجمات 11 سبتمبر تسببت
في هجمة غربية شرسة على العرب والمسلمين، وخدمت المصالح الأمريكية تحديدا في انتهاج
سياسة الفوضى الخلاقة، لأنها تمكنت باحتلال أفغانستان والعراق، ووضعت سياسة جديدة في
دعم الحركات المتشددة لدمجها في المجال الديمقراطي، معتقدة أن دمجهم سيخفف من تعنتهم
ضد الغرب وترصدهم له..
وأضاف:" ففرضت على العالم العربي حصارا اقتصاديا
وفكريا لأنها طالبت بدمج الإسلاميين وإشراكهم في الحكم كما تم مع جماعة الإخوان المسلمين
في مصر وتونس، وطالبت بتغيير المناهج التعليمية والتربوية، على الجانب الآخر، لكن ازداد
حنق هذه الحركات على أمريكا وأتباعها الغربيين لأنهم رأوها شريكا أساسيا في خراب العالم
العربي الإسلامي بعد سقوط العراق، وبدأوا في استقطاب العناصر والفرق المشتتة"..
فهم مشوه
النائب والصحفي المصري الشهير/ مصطفى بكرى، أكد إن
مايسمى قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب يمثل اعتداءً على القانون الدولي وإعلاء للقانون
الأمريكي عليه، ومن شأنه أن يجر العالم للفوضى..
وقال بكري: حيث أصبح بإمكان الكونجرس أن يتخذ قرار
الحرب على دولة ما، وهو يمثل اعتداءً وتدخلاً في الشأن السعودي، مطالباً الجامعة العربية
ودول العالم بالتدخل لوقف العمل بهذا القانون.
ولفت بكرى، إلى أن المقصود من القانون أكبر من الابتزاز
والاستيلاء على المليارات السعودية، حيث إنه يهدف لإثارة الفوضى والقلاقل، مطالباً
المملكة العربية السعودية بسحب ودائعها من أمريكا ودول الغرب.
وأضاف:"لا أعول على أوباما وإدارته للاعتراض على
القانون فهم صانعو الإرهاب، حتى لو أوقفه أوباما، فقد يأتي رئيس آخر ويُفعله، وبالتالي
فلا بد من إلغائه".
رئيس مركز تحليل نزاعات الشرق الأوسط في معهد الولايات
المتحدة وكندا ألكسندر شوميلين يرى أن مشروع القانون الأمريكي شعبوي وغير حرفي..
وقال:"لا يوجد هناك أي دليل على تورط مسؤولين
من المملكة السعودية في العمليات الإرهابية التي مضى عليها 15 عاما. وإذا كان 15 من
مجموع 19 شخصا شاركوا فيها من مواطني المملكة، فإن ذلك لا يعني شيئا. فهؤلاء عمليا
يناضلون ضد الولايات المتحدة كما هم يناضلون ضد العائلة السعودية الحاكمة.
وأضاف شوميلين:" إن قرار الكونغرس يستند إلى فهم
مشوه لواقع الأمور. فإذا رفع هذا القانون إلى مستوى الدول فستكون عواقبه سلبية جدا
للعلاقات السياسية والاقتصادية بين الولايات المتحدة والمملكة السعودية. إذ يكفي أن
نشير إلى أن الرياض هددت بسحب أموال ضخمة من البنوك الأمريكية".
قلق عربي وإسلامي
هيئات عربية وإسلامية اعتبرت التشريع تهديد للسلم العالمي
وطالبت بوقفه، وأعرب كل من مجلس التعاون الإسلامي ورئيس البرلمان العربي والجامعة
العربية عن قلقهم من القانون الأمريكي وتأثيره السلبي على “التعاون الدولي في مكافحة
الإرهاب في هذه المرحلة التي تتطلب أعلى مستويات التنسيق والعمل المشترك..
دول الخليج وصفت القانون سابقة خطيرة في العلاقات
الدولية، وفي أول رد فعل لها على "قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي أصدره
الكونغرس الأمريكي عبرت دول الخليج العربي عن بالغ قلقها..
معتبرة أن ذلك يهدد الحصانة السيادية للدول والتي يضمنها
القانون الدولي، وأنه مخالفا للمبادئ الثابتة في القانون الدولي، وخاصة مبدأ المساواة
في السيادة بين الدول.
دول عربية وإسلامية أبدت خشيتها من تمرير القانون،
وأكدت أن هذا التشريع يخالف المبادئ الثابتة في القانون الدولي وخاصة مبدأ المساواة
في السيادة بين الدول الذي ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة، كما يتعارض مع أسس ومبادئ
العلاقات بين الدول، ومبدأ الحصانة السيادية التي تتمتع بها الدول.
وحذرت كل من الأردن والمغرب والسودان وباكستان واليمن
من تبعات القانون الذي أقره الكونغرس الأمريكي مؤخراً، لما قد ينتج عنه من انعكاسات
سلبية على التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب في هذه المرحلة التي تتطلب أعلى مستويات
التنسيق والعمل المشترك.








ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق