اخر الاخبار

مـــــــوت العـائلـــــــة


ظبية خميس
======
 


ستثب أيها القُنفذ وثبة واحده

لن تقول (وأين أنا الآن?!)

إذ إنك تعلم أين كنت

وإلى هناك لا تريد أن تعود

الجحيم يبدو أقرب إليك.... من هناك

الكتابة أضحت أصعب من الاحتمال

الحروف التي تعبث مثل الأفاعي في رأسك

وأنت قد مللت عناوين الكتب

رائحة الورق

وطعم القهوة المرة التي تترسّب في حبر القلم

وعندما تصف المكان الذي يعبق بالكلور والمضادات الحيوية.. ستلمح مِصفاةَ البحر

وتشرب كأس الماء بهدوء.... وتطلق سرا العينين كي تنظر الحرب الجديدة على اليابسه

ليست الصعوبة في أن ترى

إذ إن الجوهرتين تعكسان كل شيء

لكنهما تأبيان أن تأخذاه إلى الداخل.

العفونة تأكلهم

تعضّهم عضاً.. وهم يعلكون أصواتهم بلا رحمه.

وأنت تريد الجميل

وهو يريد أن يزج بك إلى زنزانة الآخر.

ارفضهم لأنك غير قادر على تلك

المساواة غير اللائقة

تتمنى أن تنتمي إليهم

لكنك لا تستطيع!

فليذهبوا إلى الجحيم إذن

أو فلتذهب أنت!

المساواة بين الأشرار

الطريق المرصوفة بالجماجم....

دائمًا تطلق ورودها القلقةَ

في وجوههم.

والظلمة لا تنبت إلا في أعشاش..

الصائمين عن الظلم... يخبو النور في الردهات

ويصرخ القمر بنصف رئه..

بينما الياسمين لا يكف عن الرعونة

(والجهنمية) تصرخ أنوثتها

عند رأس الأفعى التي

تتمدد على سطح الجدار.

المرأة المريضة يعانقها الموت في الغرفة

وهي تفر منه متشبثة بذراع الألم

الكوابيس تطاردها, أيضًا

في الليل, في الظهيرة وفي أحلام اليقظه

إنه الزواج الكاثوليكي ما بين الموت, والأحلام

وهي ترفضه!

ولماذا تصرخ أنت?

ألا يكفيك أن ترفس بقدميك الزهور الصناعية

وتلقي بالحبوب المسكنة في حوض المرحاض.

لماذا يقول الطبيب, دائمًا, ويكرر:

(إنها مسألة وقت... أيها القنفذ

إنه الوقت ليس.... إلا

الوقت... فقط, الوقت!)

وماذا? عليك أن تنتظر إذن

أن تصعد الحمى من أطراف يديك

إلى أعمدة السرير المذهَّب

   

تقفز من النوم, تتلو الآيات

لكنها لا تصرخ, أبداً, في يقظتها

بينما, وفي الليلة نفسها,

تحلم الأخرى بوهج يحملها من فراشها

إلى الرجل الذي تحب في مدينة أخرى

ذلك الرجل الذي لا يريدها

الذي يؤذيها

وحدها الأشباح تطلق قهقهاتِها

في فناء المنزل

بينما القطط تتسلل من تحت مخدتيهما

تتكوم بعيداً عنها

الأنين يأتي لينام بقربك

الإبرة تذهب وتجيء

القيء يتحول إلى وجبة يومية

وشلالات الشَّعر الأسود الغزير

العابق, دائماً, برائحة العود والصندل والبخور

الشعر الذي تحب أن تتذكره لتنام

والذي كنت تختبئ تحته في طفولتك

الشعر الذي كانت تلمعه بالحناء وتدهنه بالياسمين

وتلك الخصلة التي كانت تخبئها لك في وسادتك

كله قد سقط...

رأسها الذي تحب أيها القنفذ

قد أصبح عارياً.

النهد المطعم بالزنجبيل

صار له جرحٌ غائرٌ

ومنه قد أخذ الجراح لقمة الوحش

الذي استيقظ في جسدها

والوحش لا يريد أن يرحل

إنه يتمدد....

يريد أن يحتلها... كلها

الوحش...

الذي لا تستطيع منه الفرار

لو أنها مُزْحة ثقيلة وتنتهي

لو أنه يقبع هناك في مكان واحد

ويلتهم وجبته الكيميائية المعتادة

لو أنه يجرحها بهدوء...

لو أنه لا يتطاير في وجهها كل يوم

لو أنه لا يجبرها على تلك الوحدة المريرة

أو ذلك الألم الفظيع الذي

لا تستطيع القبلات الصغيرةُ..

رِشوته حتى يكف قليلاً عن الصراخ

لو...!

الضوء يخبو في الغرفة

يتحول إلى مشنقة

هل تستطيع أن تطرد المشنقة?!

(أعفوني من الصحبة الزائفة

ومن نياشين الانتصارات التي

تكشر عنها أسنانكم

عندما تذوب فيها قهقهات لا أقنعة لها.)

-------------------


الشاعرة: ظبية خميس المسلماني (الإمارات العربية المتحدة)، ولدت عام 1958 في دبي.


حصلت على بكالوريوس العلوم السياسية من جامعة إنديانا 1980, وأتمت دراسات عليا في جامعتي إكستر, ولندن 82 - 1987 والجامعة الأمريكية بالقاهرة 92 - 1994.


عملت نائبة مدير إدارة التخطيط بأبوظبي 80 - 1981, ومشرفة على البرامج الثقافية في تلفزيون دبي 85 - 1987, ودبلوماسية باحثة بجامعة الدول العربية منذ 1992, ومارست في نفس الوقت العمل الصحفي في مجلات الأزمنة العربية, وأوراق, والمجلة, وجريدة الوطن.


انتقلت للعيش في القاهرة مع بداية عام 1989.


دواوينها الشعرية: خطوة فوق الأرض 1981 ـ الثنائية: أنا المرأة الأرض كل الضلوع 1982 ـ صبابات المهرة العمانية 1985 ـ قصائد حب? 1985 ـ السلطان يرجم امرأة حبلى بالبحر 1988 ـ انتحار هادئ جدًا 1992 ـ جنة الجنرالات 1993 ـ موت العائلة 1993.


أعمالها الإبداعية الأخرى: عروق الجير والحنة (قصص) 1985 ـ خلخال السيدة العرجاء (قصص) 1990.


مؤلفاتها: الشعرية الأوروبية: ديكتاتورية الروح ـ الشعر الجديد: شعراء البارات والمقاهي والسجون.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016