استاذ دكتور عبداللطيف العسالي
___________________________________________
في اعتقادي أن الباحث أو الأكاديمي يجب أن يكون محايدا وأن
يسعى للبحث وراء الحقيقة أو مقاربتها بتجرد تام وحياد موضوعي وأن يكون النهج الأبستمولوجي
العلمي هو المرتكز الأساس للتأسيس لمنهجية علمية تكون نتائجها مثمرة دون الوقوع في اتون الصراعات والكنتونات الحزبية الضيقة التي
تتبخس من قيمة العلم ....
العلم الذي يؤسس لأرضية مشتركة يجد فيه كل متلهف ضالته....
وبهذا المعنى لا بد أن يكون الأكاديمي على قطيعة مع التعصب
ليكون بمثابة شوكة الميزان التي تصحح أخطاء الساسة...
وببساطة إن تحول العالم إلى سياسي دوغمائي أو برجماتي متمصلح
مستعد أن يبيع مبادئه مقابل لعاعة من الدنيا..
فإنه عند ذاك يفقد الموضوعية ويفقد بصيرته الناقدة.... بل
ويفقد الأمانة العلمية....
لذا فالأكاديمي والباحث يتعايش مع كل الأحداث ويراقبها ويعكف
على دراستها بعين ثاقبه وبلغة البحث والمنهج العلمي ووسائله المنهجية ولا يسمح لنفسه
بالسقوط فيها وفي مستنقعها....
فعند ذاك لن يبقى للوطن من يأخذ بيده.... لماذا... لأنه عند
ذاك لن يكون هناك مرجعية يلجأ اليها الجميع عند الاختلاف..
ومن هنا أجد أن جزءا مما أصابنا هو بسبب سقوط النخب الثقافية
وانحرافها عما يجب أن تقوم به تجاه الوطن.....
لغة العلم عادة تكون المرجعية في بناء الأوطان .... والساسة
مجبلون على اتباعها ولو بعد حين.....
وقد يتعرض الباحث عن الحقيقة في سبيل ارساء القواعد العريضة
لبناء المجتمع وصياغة العقد الاجتماعي لمختلف وأصناف التعذيب.والإقصاء والتهميش..
وهنا في اعتقادي تستحق تلك المبادئ التضحية... لماذا .. لأن
ما قدمه الأكاديمي أو الباحث والمثقف لم يكن لدوافع شخصية وإنما نجد أنه قد ترك من
بنات أفكاره وما انتجته بحووثه وتأملاته ما يستحق أن يفخر به طيلة حياته ... لاسيما
أن ما يتم تقديمه من نتاج علمي ينطلق من ابستمولوجيا العلم ونفحات العقل التي جاءت
لتعبر عن ارادة صلبة لانتشال الوطن من براثن الفساد..
في العادة يكره الحكام وأدوات السلطة بعض الباحثين في العلوم
الاجتماعية الذين يعملون بتجرد أو حتي في العلوم المشابهة... لماذا..
والجواب أن هؤلاء يسعون لإبراز الحقيقة ويعكفون علي نبش الواقع
واخراج الحقائق وابرازها أمام العامة...
بينما السلطة تريد التستر على اخطائها ... من ذلك نجد أن
دور الأكاديمي لا بد أن يرتقي بحجم مسؤوليته.... وهي باختصار عليه رسم الخطوط العريضة
لبناء مجتمع يؤمن بأن الحق والعدل وحقوق الإنسان والتعايش السلمي والجلوس على مائدة
الحوار وتقبل الآخر ...
هي مبادئ أساسية لابد أن نعمل جميعا على ارسائها ولابد أن
يتوافق عليها الجميع كمنطلق لأي ركيزة تبني وطن.....
من ذلك أخلص لضرورة الالتزام بدور المثقف والباحث والأكاديمي
حتى يكونوا فعلا ورثة الأنبياء ... بدلاً من التقوقع وراء عصبية مقيته أو حزب أو مناطقية
أو مذهب...
فليكن العلم ولاشيئ غير العلم.. هو من يأخذ بلبك وملكات عقلك
... وعند ذلك فقط ستكون مبدعا وستكون مهندسا اجتماعيا وقائدا سياسيا .. ورائدا اقتصاديا...
بارعا.. سيأتي اليك الجميع ولن تذهب إلى أحد .... وستحفظ كرامتك.... برغم جوعك وحاجتك...
ولن يكون اختلاف العالم مع زميله لغرض شخصي أو للتنافس على
جاه أو منصب .. بل لغرض أسمى وهو الرؤى المختلفة التي تسعى لبناء وطن.. هدته الخلافات
وطحنته الحروب..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق