اخر الاخبار

عدن.. رمضان على لهيب الأسعار وجحيم الحر



وكالة أرصفة للأنباء- تقري: وليد عبد الواسع


لم تكد تكتمل فرحة أم حسام بتوفير ثمن الدقيق والأرز والسكر والزيت بينما تستعد لشهر رمضان المبارك.. فكانت الصدمة الكبيرة حين عادت من السوق دون شراء هذه الحاجيات، كون المبلغ الذي بحوزتها لم يكفِ لشراء ما خططت له من احتياجات الشهر الفضيل..

تقول:" الارتفاع الجنوني للأسعار هو السبب فالكيس الدقيق ارتفع من 5300 إلى 7000 ريال والسكر 10كجم من 1500 إلى 2300".

في عدن لاتقتصر منغصات الحياة في شهر رمضان هذا العام على ارتفاع الأسعار الجنوني وحسب، بل امتدت إلى نواحي أخرى..

لعل أبرزها على الإطلاق موجة الحرارة الشديدة في فصل الصيف الذي ترافق هذا العام مع انقطاع التيار الكهربائي لساعات، وانعدام المشتقات النفطية، التي ألقت بظلالها على مختلف النواحي ومعها تحولت الحياة إلى جحيم على مواطن لا حول له ولاقوة..

أم حسام مثال لحال مئات الآلاف من مواطني وسكان محافظة عدن، وغيرها من محافظات اليمن، ممن بات حلول شهر رمضان أشبه بكابوس يقض مضاجعهم..

نظراً لتردي الوضع المعيشي، الذي يعصف بملايين الأسر على امتداد الخارطة اليمنية، وفي عدن تحديداً، المحافظة التي سيكون فيها شهر هذا العام جحيماً يغلي حياتهم..

هلع وشكوى
انهيار سعر الريال اليمني أمام العملات الأجنبية كان له اثر كبير على زيادة الأسعار، خصوصاً بعد أن وصل سعر الدولار إلى نحو 320 ريال.

وهو ماتسبب بحالة هلع وخوف لدى المواطنين ومثلهم التجار الذين يستغلون مثل هذه الأخبار لرفع الأسعار والتي تكون أحيانا مبالغة.

تجار جملة كشفوا عن أن أزمة تدهور العملة الوطنية جعلت من بعض التجار لا يبيعون بالريال اليمني حيث أنهم اضطروا لشراء كميات من السلع المطلوبة لشهر رمضان، كالتمر، والزيوت، والكاسترد، وغيرها، لمتاجرهم بالعملة الصعبة بسبب عدم استقرار سعر الريال اليمني.

وشكا مواطنون من موجة الغلاء التي شهدتها أسواق محافظة عدن قبيل شهر رمضان، في وقت لم يعودوا قادرين على توفير متطلبات المعيشة الأساسية، نظراً لتردي وضعهم المادي..

الخضروات والفواكه

موجة الغلاء لا تقتصر على أسعار المواد الاستهلاكية والغذائية الأساسية بل تشمل كل ما يتم استيراده من الخارج.

الخضروات والفواكه هي الأخرى شهدت ارتفاعاً في أسعارها.. أسعار ملتهبة للخضروات والفواكه في أسواق العاصمة اليمنية المؤقتة عدن وبشكل جنوني، إذ تعدى سعر الكيلو "المانجو" 500 ريال، رغم الموسم..

بينما يصل سعر الكيلو "التين" المعروف لدى اليمنيين بـ " البلس " إلى أكثر من مائتين ، كذلك بقية الخضروات والفواكه ترتفع وتهبط  في عدن وبقية المحافظات اليمنية.

وارتفع سعر الكيلو البطاطس إلى 600 والتي تدخل في المطبخ العدني في أغلب الوجبات ويعتمدها المطاعم وبسطات الأكل المتنقلة في شوارع المدينة.

لا تستقر أسعار الخضروات والفواكه فمعظمها تُجلب من محافظات تدور فيها مواجهات وتنعدم فيها المشتقات النفطية التي تستخدم في تشغيل الآلات الزراعية ومكائن ري الأرض.

عوامل أخرى ساعدت في هذا الارتفاع منها الجانب الأمني وعمليات إدخال البضائع وفرض مبالغ مالية من قبل النقاط على طول الطريق على شاحنات النقل إلى عدن..

وكذا غياب الإشراف الرسمي من السلطات المختصة على السوق المركزي للخضروات والفواكه الذي يبقى بتصرف القائمين على السوق المركزي والسماسرة.

يقول مالك محل بيع خضروات وفواكه أن عمليات العرض والطلب في عدن على السلع عملت على رفع الأسعار، ومقابل هذا الطلب يقوم السماسرة برفع الأسعار بشكل كبير لجني مزيداً من الأرباح التي تذهب معظمها اليهم ولا يستفيد منها المزارع.

موضحاً أن الزراعة باتت مكلفة وكذلك عمليات النقل التي تصل إلى أسواق عدن بمراحل ترفع من كلفة وصول الخضروات والفواكه وتضاف على القيمة الكلية ويتحملها المواطن.

وأمام تصاعد أسعار الخضروات والفواكه يشكو بعض محلات بيعها عزوف كثير من زبائنهم المعتادين أو تقليص الاستهلاك، وهو ما أصاب عمليات البيع والشراء بشلل وأصبحت غير مستقرة مع الأسعار الملتهبة لكثير من الأصناف المعروضة.


اللاعب الرئيس
الدولار يُعد لاعباً رئيسياً في السوق اليمنية وله تأثيراته الكبيرة على أسعار مختلف السلع، خاصة في ظل الطلب على الدولار من قبل المستوردين.

وتشير البيانات إلى أن اليمن بلداً مستورداً بامتياز وتصل حاجته الاستيرادية من الخارج إلى 90% من احتياجاته الاستهلاكية المختلفة..

الأمر الذي زاد مؤخراً من ارتفاع أسعار العديد من السلع بما فيها الغذائية والتي هي مرتفعة أصلاً وبنسب كبيرة جداً، يقابلها ضعف في الدخل لدى العديد من الأسر اليمنية في حين أن أسراً أخرى منعدمة الدخل نهائياً.

يفيد تجار مواد غذائية بالجملة إن التغييرات الرسمية التي طرأت على سعر الدولار مقابل الريال أثرت بشكل كبير على الأسعار.

ويوضحون أن الزيادة بنسب تتراوح ما بين 10 إلى 20% للعديد من السلع الغذائية، وأن هذه الزيادة في الأسعار أضيفت إلى الزيادات المتكررة سابقاً والتي تباينت في الارتفاع بين سلعة وأخرى ووصلت لبعض السلع إلى 200% وأخرى بنسبة 100%.

أزمة كهرباء ووقود
الكهرباء وإنطفاءاتها المتكررة هم آخر يؤرق حياة المواطن العدني في شهر رمضان، الذي تتحول حياتهم فيه إلى جحيم، خصوصاً أن الشهر الفضيل يتزامن مع شهر الصيف الذي ترتفع فيه درجات الحرارة إلى فوق الأربعين درجة مئوية..

وكان لانعدام المشتقات النفطية، البترول والديزل، أثره البالغ الذي انعكس سلباً على حياة المواطن العدني، فمن جانب أرجع مسئولون في كهرباء عدن الانطفاءات المتكررة للتيار الكهربائي إلى أزمة الوقود..

كما تسببت أزمة الوقود بارتفاع أجرة المواصلات والنقل، وأسعار السلع وغيرها من متطلبات الحياة.. فيما الاحتكار فاقم أزمة غاز الطهي المنزلي في عدن، الأمر الذي دفع مواطنين توجيه مناشدات للمحافظ بالتدخل.

وبحسب وسائل إعلام كشفت مصادر أسباب أزمة الغاز المتفاقمة في مدينة عدن، والتي وصل سعرها خلال اليومين الماضيين إلى 4500 ريال، بينما السعر الرسمي 2500 ريال.

وقالت المصادر إن أسباب الأزمة ترجع إلى احتكار عملية نقل الغاز من منشأة صافر بمأرب إلى مدينة عدن، التي تحتاج ما يقارب 10 ألف اسطوانة يوميا لتغطية احتياج شهر رمضان، مؤكدا أن ما يتم استيراده يوميا بمعدل قاطرتين يوميا تكفي لتعبئة 5 ألف أسطوانة لكنها تذهب إلى السوق السوداء.

وبحسب المصدر فإن شركة الغاز فرع عدن احتكرت نقل الغاز في ناقل واحد منذ 5 أشهر، وهو ما أدى إلى تفاقم أزمة الغاز في محافظة عدن.

وأرجع المصدر الأزمة الراهنة غلى توقف محطة الغاز في شركة مصافي عدن، خلال الفترة من 5 إلى 12 مايو المنصرم، وكذا توقف الناقل بن مهدي لأسبوعين وهو ما تسبب بالأزمة مع زيادة الطلب قبيل شهر رمضان.

وبلغ استياء المواطنين مبلغه لتكرار انقطاع الكهرباء لساعات طوال في مدينة عدن الساحلية بجنوب اليمن في وقت ترتفع فيه درجات حرارة الطقس بشدة..

أزمة الكهرباء دفعت الكثير من أبناء عدن إلى قطع الشوارع الرئيسية في المدينة احتجاجا على انقطاع التيار لفترات طويلة. كما شهدت المدينة شغبا وفوضى حيث اقتحم مواطنون المحطة التحويلية بمدينة كريتر واقتحم البعض محطة كهرباء خورمكسر وأطلق البعض أعيرة نارية على مبنى المؤسسة في حجيف.

ويتوقع مراقبون محليون المزيد من أحداث الشغب مع بلوغ درجة الحرارة 40 درجة في ساعات الظهيرة وأيضا مع تراجع توليد الكهرباء نظرا لعدم توفر قطع الغيار والزيوت والمحولات وغيرها من المتطلبات.


 تفاقم الوضع
وتعاني عدن أزمة خانقة في المشتقات النفطية أجبرت العديد من محطات الوقود على الإغلاق. ويشكو المواطنون من أن نقص المشتقات وخاصة الديزل والبنزين دفع أصحاب سيارات الأجرة إلى رفع الأسعار بنسبة 50 في المئة. وضعفت حركة السيارات بالشوارع بشكل ملحوظ.

وتفاقم الوضع مع انقطاع إمدادات المياه عبر الشبكة العامة بسبب عدم تزويد محطات الضخ بالوقود.

مدير كهرباء عدن الجديد أمجد محمد حمود قال إن محطات الكهرباء مهددة بالتوقف خلال أيام معدودة إذا لم تسارع السلطات بتوفير الوقود.

ويتهم مسؤولون أطرافا في الحكومة بالوقوف وراء تعثر معالجة التيار الكهربائي في محاولة لإثارة الشارع ضد السلطة المحلية في المدينة.

وقال مسؤولون محليون إن الحكومة تأخرت في إيصال الدعم الخاص بالكهرباء في عدن وإن هناك أطرافا لا تريد معالجة هذه المشكلة.

ويفترض أن تغذي عدن ثلاث محطات رئيسية هي الحسوة والمنصورة وخور مسكر. لكن مع عجز السلطات الحكومية والمحلية عن توفير الوقود خرجت محطتا خور مكسر والمنصورة عن الخدمة بينما أصبحت محطة الحسوة تنتج أقل من 40 ميجاوات يوميا أي ما يقارب 25 بالمئة من الطاقة الإجمالية للتوليد المطلوبة لعدن والتي تقدر بنحو 345 ميجاوات.

ووجه حمودي رسالة إلى هادي وحكومته قائلا: "استلمت مهمتي قبل يومين ولكن الوضع الذي استلمته كارثي".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016