جمال حيدره-26 فبراير 2017م -القاهرة
________________________________
ما يزال صوته -وهو ينادي للصلاة من ذلك المسجد اللصيق بدارنا- يتماوج في مسمعي عند كل آذان، كل الأصوات التي تصدح بها المآذن في آن واحد لا تعبر إلى قلبي إلا بصوت أبي.
تلك القرية -التي كانت تستيقظ على صوته- ما تزال نائمة في ذاكرتي منذ أن غادرها مريضا ولا أدري هل آمنت مثلي باستحالة العودة أم ما تزال منتظرة، لا أدري ولكني أعلم أنها نائمة في ذاكرتي منذ ذاك ولم تعد تشغل أي حيز في قلبي ذلك أنها بدون أبي ميتة.
سبعة أعوام مرت حتى الآن منذ أن غادرتها أنا وثمانية أعوام مرت منذ أن غادرها أبي وليس ثمة ما يشوق اليها وما من صوت غير صوت أبي بمقدوره أن يوقظها في الذاكرة ولذلك ستظل نائمة وسيظل سهادي حارسها الأمين..
أبي ثمانية أعوام مرت فشلت خلالها برثائك حتى بسطر وأحد ذلك أنني وكلما حاولت أن أكتب لا تستقيم الحروف على سطور الحزن والفجيعة.. كانت الكلمات ترتعش يا أبي وتتساقط كوليد شاه خرج للتو من بطن أمه ولا تستطيع أن تعينه قدماه على الوقوف في وجه الحياة؛ كنتٌ كذلك يا أبي بعد رحيلك وكانت كلماتي خلال الثمان السنوات هكذا خائرة القوى ركيكة المعنى أمام هول الفاجعة وضخامة الوجع.
أبي ليالي طويلة جلست مع الأوراق البيضاء احاول أن احرك القلم وأكتب عن رحيلك الذي هدهد عمري وزلزل أيامي.. أكتب عن وجعي وحزني وعن فقدك وشوقي إليك غير أني أفشل في كل ليلة؛ فتنام دموعي على الأوراق البيضاء في حين تظل رموشي مفتوحة على مصراعيها لسواد الليل الحالك..
أستطيع أن أكتب الآن يا أبي فهل تراك آيب أم أني ذاهب إليك؛ الأخيرة منطقية أكثر يا أبي ويؤكدها اشتياقي إليك وزيارتي لك في أحلامي الأخيرة..
رحمك الله يا أبي وأسكنك فسيح جناته..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق