اخر الاخبار

جابك الله يا حلو ..!!



فاضل الشدادي
 =======

المسافرون عشاؤهم دائما بارد أو فضالة ما يتركة القوم . حب الخمخم لم تكن سوى زادا لإثنتان و أربعون شدنية حلوبة من إبل عبلة حين أزمعت فراق الغيلم بليل مظلم .

يغادر المتيم مثقل بالحزن و لوعة الفراق يرمي بقدميه فترتد سراعا، تتسكع عيناه في وجوه العابرين بحثا عن ضالته التي اختفت في غيمة صيفية و تركته وحيدا يصلى شمس بغداد التي لا ترفق بالغرباء، اقترب من المقصف حيث التقيا أول مرة و بدأت شآبيب الهوى فوجد المكان خاليا و مفرغا من كل شيء عدا من زحمة الذكريات فعلى ذلك المقعد سمعا " سمراء يا ام عيون وساع " وعلى تلك الأريكة " قل لي يا حلو من اين الله جابك" و في الزاوية القصوى عمدا شغفهما .

لم يستطع البقاء و انسحب يفرك لحيته براحة يده و يتمتم قائلا : استودع الله في بغداد لي قمرا . لا لا ، بغداد لم تعد مؤتمنة لتحافظ على الودائع يا ابن زريق البغدادي ، بغداد حتى العصافير التي كانت تملأ الآفاق غناء لا تسمع لها الآن ركزا و لا همسا .

على يده الأخرى يمسك بميدالية فيها كرة تدور حول محور ، كانت تلك الكرة هي شكل مصغر للكوكب الذي وجد فيه دون اختيار ، لف الكرة ليبحث عن وطن يحتويه و قلب حنون يأوي إليه و لم يجد سوى قلب أمه الثاوي في قرية راسية على تل فقرر الإياب إليها بعد أن حزم أمتعته و احزانه .

عند عبوره الجسر لم ير الرصافي و لا عيون المها فكل شيء جميل قد شد الرحال و أفل . على متن الحافلة التي أقلته و أشيائه غادر غربا يشق الصحراء بغية الوصول الى مجثم النسور التي ستعيده فوق اجنحتها الى أرضه - كما يقول تلمود العهد القديم مبشرا بالعودة - .

عاد و لم يكن الضحى يزرع الشمس في كل حقل و سطح مثل أعود قمح كما يقول السياب .

من صفحته بالفيس بوك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016