وكالة أرصفة للأنباء- تقرير: إبراهيم مجاهد*
في وقت تتقدم القوات الحكومية على أطرافها.. العاصمة صنعاء بدأت تهتز من الداخل ببوادر انفلات أمني مخيف..
في وقت تتقدم القوات الحكومية على أطرافها.. العاصمة صنعاء بدأت تهتز من الداخل ببوادر انفلات أمني مخيف..
سطو مسلح.. انتشار عصابات الليل.. اختطاف أطفال.. تظاهرات
احتجاجية للموظفين في مؤسسات حكومية..
تلك نتيجة حتمية لإجراءات سبق أن حذر من كارثيتها خبراء
اقتصاد، حين أوقف البنك المركزي اليمني الصرفيات المالية باستثناء بند الرواتب بعد
وصوله إلى حالة عجز تام.
«محمد
الثريا» قتل وسط العاصمة قبل أيام حين وقع في كمين عصابة مسلحة تستخدم الفتيات في اصطياد
أهدافها.
«الثريا»
بعد خروجه من المصرف وقد استلم راتبه ورواتب زملائه، لم يكن يتوقع أن فتاتين تتبعانه
حتى تفاجأ بهما تطلبان منه المساعدة بنقل بعض الأغراض المخزنة في أكياس..
وبحسن نية انطلق معهما إلى حيث الكمين، فكان بين خيارين
تسليم الأموال التي بحوزته أو الاعتداء عليه بتهمة التحرش، ما دفعه إلى المقاومة قبل
أن يقدم أفراد العصابة على إطلاق النار عليه ومصـــادرة ما بحوزته من أموال وسلاح..
ناقوس خطر
يحذر الخبير الاقتصادي- البروفيسور/ سيف العسلي من
أن استمرار انهيار الوضع المالي للبنك المركزي في ظل استمرار الحرب القائمة، ينذر ببروز
ما اسماه «الموت الاقتصادي» إما بالموت جوعا أو عدم القدرة على العلاج أو التعرض للسطو
المسلح.
«هارون»
سائق دراجة في العاصمة صنعاء يحكي قصته بتعرضه للسرقة حين تم استدراجه في مشوار طويل
من قبل احدهم يدعي الإصابة في قدمه التي لفت بشاش طبي للخداع..
وفي أحد الأزقة طلب الراكب منه أن ينزل يصرف له النقود
في «البقالة» المتجر، متذرعاً بإصابته، وذلك ليتسنى له الفرار بالدراجة النارية..
إلا أن هارون عمد إلى اخذ «المفتاح في يده قبل أن يفاجئ
بأحدهم يضربه باليد بعصا أجبرته على إفلات «المفتاح» فتمكن اللصان من الهرب على متن
الدراجة..
«غالب»
تعرض لاعتداء بضربة في الرأس بعصا غليظة وهو في مشوار أجرة على دراجته النارية قبل
أن يفوق من غيبوبته وقد صودرت الدراجة..
«أسامة»
يقول انه نزل من على دراجته في الليل ليشتري حاجياته قبل أن يفاجأ وهو عائدا نحو دراجته
بأحدهم يفك ضفيرة الدراجة للفرار بها وشخص آخر مسلح يصوب مسدسا تجاهه ويشير إليه بالصمت
مهددا بإطلاق النار..
يقول «علي الذماري» أن شقته تعرضت لاقتحام مسلح أكثر
من مرة على الرغم من أنها محاطة بسور..
يشير إلى أن أفراد العصابة عمدوا من خلال العمارة المجاورة
والتي لازالت غير مسكونة من خلال الصعود إلى سطحها ومن ثم القفز إلى سطح منزله لمهاجمة
أفراد المنزل بالسلاح قبل استنجاد «علي» بالجيران بالتواصل عبر الهاتف النقال..
قصص شتى مرعبة تنذر ببداية فصل مخيف من الانفلات الأمني
في العاصمة اليمنية صنعاء ولجان مليشيا الحوثي لم يعد بمقدورها السيطرة على الوضع.
سائق تاكسي وجد نفسه أمام قطاع مسلح في إحدى مناطق
حزيز جنوب العاصمة قبل أن يهاجمه مسلحين ويصادرون السيارة..
وتستخدم العصابات سيارات التاكسي والدراجات النارية
لتنفيذ عمليات سطو مسلح واختطاف أطفال.. يؤكد اثنين من المواطنين اختفاء طفلين في فترات
متقاربة في أحد أحياء صنعاء.
فيما يفيد شهود عيان في إحدى الحالتين بان سائق تاكسي
أخذ الطفل 8 سنوات وهو عائد من «البقالة» متجر بالقرب من منزلهم بصنعاء.
ويقول مصدر أمني بصنعاء أن جماعة الحوثيين وحليفهم
الرئيس السابق- صالح باتت لا تهتم بظواهر الجريمة المتصاعدة وأنها تركز في اهتمامها
الأمني على النشاطات التي تعتقد أنها مناوئة لها..
وذلك في ظل حشدها العسكري لمواجهة القوات الحكومية
والمقاومة التي باتت تقترب من العاصمة بعد سيطرتها على مساحة واسعة في مديرية نهم التي
تعد البوابة الشرقية لمدينة صنعاء.
يقول الخبير الاقتصادي عبده زيد المقرمي إن تأخير صرف
الرواتب والحوافز تؤثر على حياة عمال الدولة وموظفيها وتضاعف من نسبة الفقر الذي وصل
بحسب تقرير البنك الدولي إلى 85%من السكان.. وأنه ربما ينعكس ذلك على الوضع العام بالبلد..
ويضيف:" وهو ما يصاحبه ارتفاع نسبة الجريمة مقابل
جني أموال لمواجهة الفقر كـ «أعمال السرقات والنهب»، وانخراط المعوزين مع أطراف النزاع
مما يطيل في أمد الحرب.. بالذات والموظفين يعولون اسر فيها شباب عاطلين عن العمل".
وأشرف صندوق النقد الدولي على اتفاق «الهدنة الاقتصادية»
بين الحكومة والانقلابيين الحوثيين، وهو اتفاق يضمن استقلالية البنك المركزي في ظل
الحرب.
وتتهم الحكومة المتمردين الحوثيين بخرق الاتفاق بشأن
استقلالية البنك المركزي وتحييد المؤسسات المالية عن الصراع، واستنزاف الاحتياطي النقدي
الخارجي لتمويل حروبهم..
كما تتهم الحكومة اليمنية البنك المركزي بالتواطؤ معهم،
من خلال الاستمرار في صرف 100 مليون دولار شهرياً لما تسميه جماعة الحوثيين بالمجهود
الحربي لها والقوات التابعة للرئيس السابق علي عبدالله صالح.
مؤخراً شهدت العاصمة اليمنية صنعاء احتجاجات في عدد
من المؤسسات الحكومية منها المؤسسة العامة للاتصالات والبريد ووزارة المالية وشركة
النفط وهيئة الطيران والأرصـــاد الجـــوي وقطاع الحج والعمرة في وزارة الأوقاف بسبب
الإجراءات العبثية للحوثيين..
وأعلنت نقابات الموظفين والعمال بعدد من المؤسسات الحكومية
اليمنية بصنعاء إضراباً شاملاً عن العمل، بسبب رفض البنك المركزي صرف مستحقات العاملين
فيها.
ودعت النقابات ومن بينها نقابات وزارتي المالية والاتصالات
وهيئة الطيران والأرصاد الجوي، العاملين لبدء إضراب عن العمل اعتبارا من منتصف الأسبوع
المنصرم احتجاجا على عدم صرف المستحقات.
كما بدأت مؤسسات أخرى بالعاصمة إضرابا جزئيا عن العمل
تمهيدا لإعلان الإضراب الشامل.
وكان البنك المركزي اليمني أوقف حوافز ومكافآت موظفي
الدولة اعتبارا من يوليو الماضي، حيث رفض صرف مرتباتهم شهر أغسطس الجاري، وأعاد الشيكات
الخاصة بالمرتبات مطالبا بتأجيلها إلى سبتمبر المقبل.
وأرجع البنك إجراءاته التقشفية لانعدام السيولة من
العملة المحلية، في سابقة خطيرة وغير مسبوقة تهدد بالانهيار الاقتصادي الشامل.
وفي بداية أغسطس عززت جماعة الحوثيين الانقلابية بعناصر
أمنية بزي قوات الشرطة العسكرية وأفراد من مسلحيها، من حماية مقر البنك المركزي اليمني
بصنعاء، لمواجهة محتجين من قطاع الكهرباء طالبوا بتسليم رواتبهم..
واتهمت الجماعة المحتجين بمحاولة اقتحام البوابة الرئيسية
للبنك بعد أن خرجت التظاهرات عن السيطرة ما دفعها لتعزيز حماية المبنى من عناصرها التي
قامت بإطلاق النار لتفريق المظاهرة.
تهديدات متهورة
وطلب رئيس الحكومة أحمد بن دغر، نهاية يوليو الفائت،
من مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، تجميد الحسابات الخارجية للبنك المركزي
اليمني وعدم اعتماد توقيع محافظه محمد عوض بن همام ونائبه محمد السياغي على طلبات السحب
من الاحتياطي الخارجي..
كما أعلنت الحكومة مؤخرا وقف التعامل مع إدارة البنك
بعد التغييرات التي أجرتها جماعة الحوثي لأعضاء مجلس إدارة البنك، وهي الخطوة التي
لاقت انتقادات من قبل خبراء اعتبروها غير مدروسة، إذ تساءل الخبير الاقتصادي المقرمي
عن البدائل التي ستقوم بها الحكومة في حال أوقفت تعاملها مع إدارة البنك في صنعاء.
هذا الوضع الذي تعيشه اليمن سيما المحافظات الشمالية
يأتي في وقت تحاول عدد من القوى الدولية والإقليمية بإنعاش مشاورات السلام بين أطراف
النزاع في اليمن، من خلال لقاءات احتضنتها مدينة جدة في السعودية يومي الأربعاء والخميس،
جمعت وزراء دول مجلس التعاون الخليجي بكل من وزير الخارجية الأميركي ووزير خارجية بريطانيا،
بالإضافة إلى نائب وزير الخارجية الروسي، بحضور المبعوث الأممي الخاص باليمن.. في محاولة
لإيجاد صيغة جديدة لخارطة سلام يبدو أنه فقد طريقه إلى اليمن.
*المصدر: الشبيبة العمانية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق