اخر الاخبار

الوليمة الضبعية



   حامد السقاف
_______&


الإهداء: إلى الخروف المسكين، الذي أُكل واقفا
    تداولت شبكة التواصل الإجتماعي في الآونة الأخيرة، صورة وليمة، تبرز خروفا منتصبا وسط حقول من الأرز، والأيادي تتناهش قطع لحم الخروف البائس- المحزون، وآثار الأصابع المغموسة بالدسم تداعب حبات الأرز، كي تمسح بقايا اللحم العالق، لتعيد الكرّة في لعبة انتزاع اللحم بالطريقة الضبعية الموحشة. 
العيون تبرق بالمشهد الخرافي- الصحراوي، يسيل اللعاب الحيواني الغريزي، من علية القوم المحيطين بالخروف المحاصر بالأصابع الدراكولية.
      هل حقا تدار السياسة في اليمن بهذه الطريقة - الضبعية ؟ 
وجوه مألوفة استنزفت حتى النخاع، ساسة لا يتقنون من السياسة سوى النهش والبطش ! هل الصور التي وزعت مفبركة ومزورة، بغرض الشماتة والتشنيع وتصفية الحسابات، والمماحكات السياسية ؟ 
وقد سبق أن نشرت صور مماثلة لقيادات دينية، أقامت احتفالات باذخة- سفيهة المشهد، تستفز فقراء الكوليرا والجوع المزمن. 
رجال أعمال، وزراء، دبلوماسيون، كان لهم نصيب من هذه الولائم الإستفزازية.
كانت الممثلة الفرنسية المثيرة بريجيت باردو، تدافع عن حقوق الحيوانات المظلومة، ولكن كما يبدو عجزت عن تحقيق طموحها، بعد أن فشلت المنظمات الدولية في الدفاع عن حقوق الإنسان. 
هذا العرس الملكي الفاخر، المثير للجدل، ما الذي يجعله يتكرر بين الفينة والأخرى، كمشهد أسطوري لا يدلل إلا على بؤس أصحابها، وافتقارهم للحصافة والحكمة وموازنة الأمور؟ 
هل هي عقدة اللصوصية، أم ربما قبح العريس والعروس، وتعويض ذلك عبر الكباش والخراف والماعز والضأن والأبقار والثيران والجمال، كانعكاس للسلوك البدوي - القبيلي؟ 
سيجموند فرويد، رحل منذ زمن بعيد، ولم يتطرق لهذه الظاهرة - المعجزة. هل فات الوقت لظهور فرويد يماني يفسر أحلام الضباع؟ 
      يا إلهي.. لا مفر أمامنا من الهروب، أين نختفي كي لا تنهشنا الضباع، أين المفر ؟ 
      في حوار عابر مع صديقي المصري الجديد الدكتور إنمار، تطرقت إلى موضوع تنوع الشعوب في الإستمتاع بالطعام، وقلت له مداعبا:
أن الشعب المصري أكول بطبعه.
فكانت إجابته لي صاعقا، حين ذكر لي :
المندي، المظبي، الضبعي.. بتلك الروح المصرية الساخرة.
جوار سكني في حي المهندسين بالقاهرة، يوجد مطعم (المجرشي ) للمأكولات السعودية والخليجية، تجد الزبائن يفترشون الأرض، وكأنهم في صحراء الربع الخالي، يعيثون بالطعام في كل زاوية من المكان . 
       سآوي إلى كهف، كي أتقن تفادي القنص، والتدرب على حيل الثعالب، قبل أن تصطادني جموع الحفلات والمآدب والأعراس والولائم الضبعية ! 
     
القاهرة - تموز ٢٠١٧

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016