اخر الاخبار

العائدونَ من الحرب الأخيرة




محمود غنام
_____&&&



الراكبونَ على الجيادِ تَرَجَّلوا
فافتحْ لهم بابَ السَّلامِ لِيَدْخلوا
القادمونَ الآنَ شُعْثاً قلْ لهم:
لا تسفكوا دَمَ زَهرناْ..لا تقتلوا
أَخبرْ دُعاةَ الحربِ ثَمَّ حمامةٌ
في البيتِ تفتحُ بابَهُ إن أقبلواْ
لا تَخْجلي بنتَ الحياةِ ﻷنَّهُ
قد ماتَ في زَمَنِ الأسى من يخجل
هُمْ أَيْقَظواْ فينا خريفاً مُرْعِباً
فالموتُ عن كَثَبٍ بنا يَتَغَزَّل
نَمشي رويداً كي نُعَقِّلَ حربَهم
وحروبُهُم مجنونةٌ لا تَعْقِلُ
حتى متى هذا الشقاءُ يَلفُّنا 
والموتُ يطوينا ولا يَتَمَهَّل؟!
هذا أبي يَدُهُ لنا مغلولةٌ
لكنَّه للخاطفينَ يُمَوِّل
أَوَجَدْتَ أَحقرَ من غنيٍّ مُتْرَفٍ
بِكُنوزِهِ، أبناؤهُ تَتَسَوَّل؟
هم أشعلوا قلبي الكسيرَ..وشمعةٌ
في الروحِ من قبلِ الرحيلِ سَتُشْعَل
وَعجلت بالشعر الأخير..يقول لي:
إنَّ القصيدةَ فِكْرَةٌ وَتَأَمُّلُ
أوقد بمحراب.الصلاة بخورها
كُنْ راهباً في ديرها يَتَبَتَّل
**********
دَثِّرْ فؤادي. .الماءُ يرجِفُ في فمي
عَطَشَاً، وخوفي من غمامِكَ يهطل
هذي البلادُ البِكْرُ منذ ولادتي
ما زلتُ أَرشفُ ثَغْرَها وأُقَبِّل
ها إنَّ روحكَ قد بذلتَ هديّةً
إنَّ الكريمَ بروحِهِ لا يَبخل
يَتَعبَّدونَ بعشقِها..لكنَّهم 
بعد الوصولِ تَغيَّروا وَتَبَدَّلواْ
غُرباءَ جاءوا نحوها فَتَهَلَّلتْ
بِشْراً..وقالت: مرحباً وَتَفَضَّلواْ
لكنَّهم عَضُّوا ذراعيها التي 
حَضَنَتْهُمُ..واستكبروا وَتَطَفَّلوا
باللهِ باسمِ المصطفى قد تاجرواْ
و(السامريَّ) و(عِجْلَهُ) قد بَجَّلوا
فرشوا الطريقَ جماجماً واستعبدوا
أحرارَها..وعن الصراطِ تَحَوَّلواْ
بالموتِ قد صرختْ حناجرُ حِقْدِهِمْ
وعلى المآذنِ والورودِ تَبَوَّلواْ
ودماءُ آلهةِ السماءِ دماؤهم
( نيرونُ) في أحشائهم يَتَمَثَّلُ
زَعْمُ(الولايةِ) كِذْبَةٌ وَخرافةٌ
كبرى. .بها أغبى العقول استغفلواْ
( القادسِيَّةُ) أطفأتْ نيرانَهم
بِعدائها أوصى الأخيرَ الأَوَّلُ
**********
خرجوا من الكهفِ القصيِّ وأرسلوا
للإفْكِ واردهم فجاء يُضَلِّل
ومضى. .تُحالفُهُ الرياحُ بِجُندِها
وزواملٌ في غَيِّها تسترسِلُ
مِن هاهنا عبروا وحادي رَكْبِهمْ
حُمْقٌ، وغوغائيَّةٌ، وَتَرَهُّلُ
فافتحْ لهمْ جُرحَ المدينةِ أخضراً
كي يعبرَ الصحراءَ سيفٌ أعزلُ
لم أحصِ سِرَّ الرملِ بَعْدُ ﻷنَّني 
ما زلتُ لِلْخُطَبِ الطويلةِ أجهلُ
كانوا ل(مكَّةَ) سائرينَ..وقاتُهُمْ
أَوراقُهُ من ماء زمزمَ ينهل
لكنَّ رَبَّ البيتِ (مِيْجٌ) طَيْرُهُ
عَصَفَتْ بِأَفئدةِ الذينَ تَكَرْبَلواْ
هذي يَدَا(طهرانَ) تنفثُ نارَهَا 
ضُمُّوا إذا شئتم بها أو سَرْبِلواْ
لَمَّا مَضَوْا بالفيلِ ..نادى مُشْفِقٌ
يا أَيُّها الرَّكْبُ العَجُولُ..تَمَهَلواْ
لم يسمعوا ضوءَ النداءِ وَقَرَّرُوا أن يُكملوا سَفَرَ الجُنونِ..وَهَرْوَلواْ
وَجَنيتُ وِزْرَ الحربِ طفلاً عارياً
وحملتُ عنهم في دمي ما حُمِّلواْ
ودخلتُ وحدي النارَ ذُقْتُ حِجارها
وأنا أَكيلُ هجاءَهم يا (جَرْولُ)
إنِّي بلغتُ الأربعينَ ولم أَزَلْ
طِفلاً يُهَدهِدُهُ اللظى وَيُدَلِّل
وسألتُ قبر أبي هناك. .أجابني:
الحربُ تأكلُ مُهْجتِيْ..وَتُرَمِّلُ
في صوتِهِ نَخلٌ يَجِفُّ وقريةٌ
تَغفو على فَمِهِ اليَبَاسِ وَتَذبلُ
وتركتُهُ ويدي تَخطُّ كآبتي
في أَوَّلِ الدربِ البعيدِ وَتَغْزِل
وبعثتَ لي حينَ انتظرتُكَ دمعةً
فيها الكآبةُ مثلُ دَمْعِكَ تَقْتُلُ
حَتَّامَ يقتلني الغيابُ بسيفِهِ
وَلِنَعشِ أحزاني الثقيلةِ أحمل؟!
لم يبقَ في المصباحِ زيتُ قصيدةٍ
إلَّا وَدَسُّوا الليلَ فيهِ وَأَوْغَلُواْ
**********
لا تُغْلقِ البابَ الأخير..وَدَعْ لهمْ
بابَ الحمامِ لَعَلَّهُم أن يَدخلواْ
قل للذين تَأَلَّهواْ وَتَسيَّدواْ
قد حانَ أن تَدَعواْ البلادَ وترحلواْ
قد حانَ للزيتونِ يُورقُ في دمي 
وطناً جميلاً بالرؤى يَتَشَكَّلا.
١٥/٤/٢٠١٦

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016