آفاق الحاج
=====
منذ انقلاب ميليشيات الحوثي وحليفها المخلوع
صالح على الدولة واقتحامها للعاصمة صنعاء في
الواحد والعشرين من سبتمبر من العام 2014م دأبت على إسكات صوت الحقيقة وخنق حرية الصحافة بل
وشيطنة الصحفيين اليمنيين من المناوئين لانقلابها
ومعارضيها في الرأي وتصنيفهم في قائمة الخونة
.
حرب واسعة شنتها الميليشيات على الصحافة حيث سارعت تلك الميليشيات فور إعلان بيان انقلابها
على اختطاف العديد من الصحفيين والزج بهم في سجونها ومعتقلاتها بدون تهمة سوى أنهم
حملوا الأقلام في وجه مدفعياتها , كما أقدمت على إغلاق القنوات الفضائية والإذاعات
وحجب المواقع الالكترونية واقتحام العديد من مقرات ومكاتب وسائل الإعلام المحلية والعربية
ومصادرة محتوياتها كونها ترى أن الصحفيين يمثلون
خطرا عليها بل إنهم أخطر ممن يقاتلونها في
الجبهات ـ كما جاء ـ على لسان زعيم الميليشيات
عبد الملك الحوثي في أحد خطاباته , وهو ما يعد تهديدا واضحا للصحفيين وإباحة دمائهم وإلقاء الضوء الأخضر لميليشياته لاستهداف الصحفيين قبل المقاتلين .
ومنذ ذلك اليوم المشؤوم ـ بالنسبة لليمنيين
ـ وحتى الآن كان ولا يزال الصحفيون هم من يدفعون
الضريبة الأكبر في الحرب الدائرة في اليمن منذ أكثر من عامين والتي انتهكت فيها الميليشيات كل شيء بما في ذلك حرية
الرأي والتعبير , حيث يصف الكثير هذه المرحلة بالأسوأ في تاريخ الصحافة وحرية التعبير
وتعبر عن سوداوية عهد الحوثي الذي ساد فيه صوت ورأي واحد وهو الذي يعبر عن الفكر الطائفي
والاقصائي لتلك الميليشيات ويبرر انقلابها ويغطي جرائمها بحق اليمنيين .
جرائم وانتهاكات جسيمة ارتكبتها الميليشيات الانقلابية
بحق الصحفيين تنوعت بين الاختطاف والإخفاء القسري والتهديد والملاحقة لتصل إلى القتل المباشر للصحفيين أثناء تأديتهم
لمهامهم الصحفية واستخدامهم كدروع بشرية وجعلهم عرضة للاستهداف من قبل الطيران .
بالأرقام .

ويفيد أقارب عدد من الصحفيين المختطفين
والمخفيين قسريا عن تدهور حالة أبنائهم الصحية نتيجة تعرضهم للتعذيب المستمر وعدم السماح
لهم بزيارتهم والاطمئنان عنهم .
ويتحدث تقرير حديث صادر عن نقابة الصحفيين
اليمنيين عن مقتل نحو 19 صحفي منهم من تم استخدامهم كدروع بشرية ومنهم من تم قنصه أثناء
تأدية عمله الصحفي في تغطية المعارك في الجبهات المختلفة .
منظمات حقوقية وصحفية محلية ودولية قد طالبت مرارا الميليشيات الانقلابية بسرعة الكشف
عن مصير الصحفيين المختطفين لديها منذ أكثر من عام والكف عن استهداف الصحفيين وإجراء تحقيق حول الانتهاكات التي طالت صحفيين ومؤسسات إعلامية في عهد الانقلاب والتي لا تزال
مستمرة
انتهاكات خطيرة .
يصف رئيس لجنة الحقوق بنقابة الصحفيين اليمنيين
نبيل الأسيدي الوضع الصحفي في اليمن منذ عامين بأنه في أسوأ مراحله على الإطلاق في مجال الحريات والانتهاكات
المتعددة والمستمرة التي طالت الكثير من الصحفيين , ويضيف الاسيدي في حديثه لأخبار
اليوم : أبرز تلك الانتهاكات استشهاد 19 صحفيا ومصورا منذ بداية الانقلاب واختطاف قرابة
115صحفيا لمدد مختلفة ولا يزال 17 صحفيا مختطفون
حتى الآن منذ أكثر من أكثر من عام ونصف ويتعرضون للتعذيب بشكل مستمر .
ويستدرك قائلا: بل إن بعض الصحفيين المختطفين
أصبحت حالتهم الصحية سيئة جدا وبعضهم أصيب جراء عمليات التعذيب وتظهر حالة الزميل وحيد
الصوفي والزميل محمد المقرمي كأخطر حالتين تتعرض لهما الصحافة إذ تم اختطاف الصوفي
منذ سنه وتسعه أشهر من وسط العاصمة صنعاء وتم اقتياده إلى جهة مجهولة والى الآن لا
احد يعرف عنه شيئا ولم نستطع الحصول على أي معلومة تمكننا من معرفة مصيره وكذلك الزميل
المقرمي الذي اختطفه تنظيم القاعدة الإرهابي في مدينه المكلا منذ عام ولا نعرف مصيره
أيضا حتى اللحظة.
ويشير الأسيدي إلى جريمة وضع ميليشيات الحوثي وصالح الصحفيين يوسف العيزري وعبدلله قابل دروعا بشرية واستشهادهما وهم في معتقلهما
بقصف جوي رغم مناشدة وتحذير النقابة للميليشيات بأن مكان اعتقالهما يتعرض للقصف.
مؤكدا أن الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون
في اليمن هي الأخطر على الإطلاق ولا يمكن أن تسقط بالتقادم كونها من جرائم الحرب ومن
الجرائم ضد الإنسانية.
السلامة المهنية.

وفي هذا السياق يحذر الأسيدي من أن عدم توفير وسائل الإعلام المختلفة لمراسليها الميدانيين
أدوات السلامة المهنية أمر يعرضهم للكثير من المخاطر بالإضافة سماح الجهات العسكرية
للصحفيين بمرافقتها والدخول إلى مناطق خطرة دون اتخاذ أي إجراءات للسلامة أو عمل تمشيط لتلك المناطق .
مشددا على ضرورة أخذ الحيطة والحذر أثناء
التغطيات الصحفية وضرورة قيام وسائل الإعلام بتزويد مراسليها بالتدريب اللازم وكذلك
بأدوات السلامة من أجل التقليل من المخاطر التي يتعرضون لها .
لافتا إلى أن نقابة الصحفيين نظمت سلسلة
من التدريبات في مجال السلامة المهنية للصحفيين ولا تزال تواصل عملية التدريب رغم وجود
الكثير من الصعوبات كالتنقل .
من جهته يقول الناطق الإعلامي باسم الجبهة
الشرقية بمدينة تعز عبد الرحمن صالح وأحد القيادات الميدانية في المقاومة بأن يوجد
تنسيق بينهم وبين الإعلاميين والصحفيين الذين يرغبون في تغطية المعارك والاشتباكات
على الأرض مشيرا إلى أن الصحفيين لا يتحركون
إلا بأوامر من القيادات الميدانية ولا يتم السماح لهم بالتصوير إلا في الأماكن التي يتم تحديدها لهم خوفا على حياتهم
وتجنبا لتعريضهم للخطر, ويضيف في حديثه لأخبار اليوم : أي فريق إعلامي يتوجه إلى مواقعنا بغير إذن مسبق لا يسمح له بالدخول
والتصوير.
ويدعو جميع الإعلاميين إلى الالتزام بإجراءات
السلامة وتعليمات القيادات الميدانية أثناء تغطية الاشتباكات في الجبهات حفاظا على
حياتهم من قناصات الميليشيات وقذائفها وألغامها التي لا تفرق بين صحفي ومقاتل .حسب
قوله
شهداء الحقيقة .
تسعة عشر صحفيا ومصورا دفعوا حياتهم ثمنا
لنقل الحقيقة حين استهدفتهم نيران الميليشيات وقناصتها في حين لم يكن يحملوا بيدهم
سوى القلم والكاميرا التي أصبحت في عهد الانقلاب
جريمة تستوجب القتل .
في السادس عشر من فبراير من هذا العام استشهد
الصحفي أحمد الشيباني الذي كان يعمل مصورا لقناة اليمن أثناء عودنه من تغطية المواجهات
في منطقة الحصب بمدينة تعز حيث اخترقت رصاصة قناص رأسه ليفارق الحياة على الفور وكان
الشيباني أول مصور يسقط في مدينة تعز منذ بداية الحرب ومثل جريمة استهدافه فاجعة كبيرة
في أوساط زملائه الصحفيين.
لم يمض شهران على استشهاد الشيباني حتى جاء خبر استشهاد المصور محمد اليمني أيضا في
مدينة تعز في الخامس عشر من مارس في منطقة الضباب أثناء تصوير المعارك الدائرة هناك
لتصيب رصاصة قناص ـ أرعبته كاميرا اليمني ـ
رأسه وتنهي حياته, فيما بقيت كاميرته التي تخضبت بلون دمه شاهدة على بشاعة الجريمة
وحقد الفاعل , لتصير بذلك الفاجعة فاجعتين .
اليمني يعد من الإعلاميين القلائل الذين غطوا ثورة
فبراير السلمية منذ بدايتها وكذلك الحرب التي شنتها الميليشيات على محافظة تعز في شهر مارس من العام الماضي.
ولم يتوقف مسلسل الاستهداف للصحفيين حتى
فجع الوسط الإعلامي مؤخرا باستشهاد مصور شبكة تعز الإخبارية أواب الزبيري الشاب العشريني وطالب
قسم الإعلام بجامعة تعز الذي استشهد يوم الجمعة الماضية 18 نوفمبر 2016م بانفجار شبكة ألغام زرعتها ميليشيات الحوثي في أحد المباني بحي العسكري قبل انسحابها من المنطقة أثناء ما كان يغطي تقدمات المقاومة في الجبهة الشرقية
لمدينة تعز ولم يكمل سنته الدراسية الثانية
. ويعد الزبيري ثالث مصور صحفي يستشهد في مدينة تعز لوحدها خلال العام 2016م إلى جانب الشيباني واليمني .
وفي الخامس من شهر أغسطس الماضي استشهد
الصحفي مبارك العبادي رئيس مؤسسة نبأ للإعلام في محافظة الجوف أثناء تغطيته للمعارك
الدائرة هناك .
وقبلها كان الصحفيان عبد الله قابل (25
عاماً)، ويوسف العيزري (26 عاماً) استشهدا في 21 مايو الماضي إثر غارة جوية لطيران
التحالف على رأس جبل هران بمحافظة ذمار بعد
أن اعتقلتهما ميليشيات الحوثي واستخدمتهما كدروع بشرية . وقد اعتقلا في أحدى نقاط التفتيش التابعة للميليشيات صباح الأربعاء 20 مايو 2015 وسط مدينة ذمار أثناء
عودتهما من تغطية إعلامية لفعالية قبلية مناوئة لجماعة الحوثي بمديرية الحداء بمحافظة
ذمار، حيث كان يعمل قابل مراسلاً لقناة سهيل بينما يعمل العيزري مراسلاً لقناة يمن
شباب المحليتين والمعارضتان لانقلاب الحوثي والمخلوع . ولا يزال مسلسل الانتهاكات مستمرا والقائمة تطول . .
حماية الصحفيين .
تجرم القوانين الدولية والاتفاقيات الخاصة
بحماية الصحفيين عملية استهداف الصحفيين خصوصا أثناء النزاعات المسلحة وتعتبرها جريمة
حرب يحاسب مرتكبوها وانتهاك للقانون الدولي
الذي يحمي الصحفيين أثناء الحروب ويصنفهم كمدنيين يجب حمايتهم ويدخل ضمن ذلك وسائل
الإعلام بمختلف أنواعها باعتبارها أعيان مدنية يجرم استهدافها .
كما تحظر الاتفاقيات الدولية بشكل خاص ممارسة
العنف والتعذيب بشتى أنواعه إزاء الأشخاص خاصة الذين يقعون في قبضة أحد أطراف الصراع.
وفي الوقت الذي تتكفل فيه النصوص القانونية المختلفة على الصعيد الداخلي والدولي
بحماية الصحفيين نجد أن الانتهاكات قائمة على قدم وساق بحق هذه الفئة بل لعلها الفئة الأكثر استهدافاً قياسا مع عدد العاملين
بها، لاسيما في أوقات الأزمات والحروب , وبهذا الصدد فقد أقرت الجمعية العامة للأمم
المتحدة في دورتها الثامنة والستين عام 2013م
يوم الثاني من تشرين الثاني / نوفمبر
يوما عالميا لإنهاء إفلات المجرمين من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين .
ويدين هذا القرار جميع الاعتداءات وأعمال
العنف المرتكبة ضد الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام. ويحث الدول الأعضاء على بذل
قصارى جهودها لمنع أعمال العنف ضد الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام، وكفالة المساءلة،
وتقديم مرتكبي الجرائم ضد الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام إلى العدالة , وخلق
بيئة آمنة ومواتية للصحفيين لكي يقوموا بعملهم باستقلالية وحرية تامة .
المصدر التغيير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق