اخر الاخبار

أطفال اليمن: المتفجرات فاكهة اليوم ..!!






معاذ الحيدري
 =======

لم تترك الحرب في اليمن أحدًا، إلا وطالته يد العبث بشتى الأساليب والممارسات، التي تلجأ لها أطراف الحرب بين حين وآخر، خصوصًا من طرف جماعة الحوثي؛ ففي الوقت الذي تسببّت فيه الجماعة بقتل وتشريد قطاع واسع من الأطفال وحرمانهم من العيش ومن التعليم، تقوم بتجنيدهم والزجّ بهم في جبهات القتال في وقت مبكر.

وقد تحوّلت عملية تجنيد الحوثي للأطفال من ظاهرة إلى قضية إنسانية، وفي متناول المنظمات الإنسانية الدولية والعالمية التي رصدت ووثّقت مئات الحالات المسجلة، تطوّرت معها أساليب الحوثيين مؤخرًا من استدراج الأطفال من منازلهم ومدارسهم في صعدة وحجّة، إلى عملية اقتحام المدارس في محافظات أخرى، وإلقاء المحاضرات والدروس، التي يشجعون فيها التلاميذ بالتوجّه نحو القتال تحت مبدأ زائف شعاره "الدفاع عن الوطن".


خطب التجنيد
أكدت مصادر تربوية في محافظة ذمار، الواقعة شرق العاصمة صنعاء، لـ "جيل" إن مسلحين من الجماعة الانقلابية قاموا باقتحام عدد من المدارس الإعدادية والثانوية، وألقوا خطبًا على الطلاب داعين إياهم للمشاركة في القتال، وقدّموا لهم إغراءات مالية من أجل ترك المدارس وحمل السلاح والتوجّه صوب الجبهات".

وبث معلمون على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، تسجيلات لعملية طرد أحد مسلحي الجماعة الانقلابية من مدرسة بمديرية الحداء في محافظة ذمار، عقب رفض الطلاب ترديد شعارات الحوثي الزائفة، ما دفع المسلح إلى تحطيم ميكروفون المدرسة والمغادرة.

وطالب معلمون وتربويون بإنقاذ التعليم ومواجهة الفكر الطائفي، الّذي تحاول مليشيات الحوثي فرضه في مدارس المحافظة. مشيرين إلى أن جماعة الحوثي قامت بتحويل بعض المدارس الريفية، على وجه الخصوص، إلى مقرات لنشر أفكارها الطائفية واستبدالها بمناهج التعليم المقررة من قبل وزارة التربية والتعليم، لافتين إلى أن هناك تدميرا ممنهجا للتعليم وتحديدا في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.

ووثّق تقرير حديث للأمم المتحدة زيادة بمقدار خمسة أضعاف في حالات تجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل الجماعات المسلحة في اليمن، لاسيما متمردي الحوثي وصالح. وأشار التقرير إلى 762 حالة تجنيد مؤكدة للأطفال، غالبيتها تعود إلى الحوثيين، كما تم تسجيل تحول التجنيد الطوعي إلى قسري عن طريق الإكراه، بسبل منها توفير الحوافز أو المعلومات المضللة.


رغيف التطرّف

يؤكد الناشط الحقوقي خالد بقلان في حديثه إلى جيل "إن تجنيد الأطفال في اليمن ظاهرة خطيرة، لجأت إليها جماعات العنف المتمردة منذ حرب صعده سنة 2004، فيما عرف بمدرسة الشباب المؤمن الّتي أسسها حسين الحوثي ومحمد عزان في جبال صعدة".

وقد تصاعدت هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة منذ انقلاب 21 سبتمبر على السلطة الشرعية بقيادة الرئيس هادي، حيث تشهد معظم جبهات القتال حاليًا في اليمن العديد من حالات تجنيد الأطفال، والزج بهم إلى جبهات القتال، مستغلين الفاقة، أو حاجة الناس للبحث عن قوتهم من جانب، أو كنتيجة للشحن العقائدي الّذي يتلقوه في المدراس الحوثية الّتي يتخرّج منها دفّعات متتابعة، من جانب آخر".

ويؤكد حديث بقلان الكاتب الصحافي عدنان العديني، الّذي قال لــ جيل "إن الحوثي أغلق العملية التعليمية في وجه الطلاب"، مؤكدا أنه "إجراءٌ قَذَفَ بالأطفال إلى الشارع، وأبعَدهم عن أهم مؤسسة استيعابية لهم تبعدهم عن العنف"، مضيفا إن "الوضع الاقتصادي المتوقف واختفاء سوق العمل وغياب الأعمال جعل الحرب هي السوق الوحيدة المفتوحة والقادرة على ضخ المال"، وهو ما سبّب "اندفاع صغار السن إلى العمل فيها بحثا عما يسد رمق أسرهم".


تدمير المستقبل
يمثل تجنيد الأطفال باليمن عاهة تنهش عقل المجتمع اليمني، استحدثتها الجماعات المسلحة الخارجة على القانون، كونها تعي بأن استهداف الأطفال يعني استهداف العقل والقوّة الّتي ستدير البلد مستقبلاً. لذلك سعت لاستهداف هذه الفئة، لتتمكن من البقاء، لتيقنها بأنه لن يكون من مصلحتها بقاء الأطفال بعيدًا عن دوامة الصراع، كونهم سيغدون مستقبلا الوقود المحرك لعجلة التغيير، ولذلك تركز هذه الجماعات على تدمير هذا المحرك.

بناء على هذا الطرح، يذهب المحلل السياسي والخبير الاقتصادي اليمني نبيل الشرعبي بالقول "إن البعد الأخطر في قضية تجنيد الأطفال، يتمثل في تدمير العقل وتأصيل ثقافة القتل والتدمير على مدى تاريخ طويل"، مؤكدا "إن الأطفال هم اليوم من يحلمون برسم مستقبل البلاد"، وعليه فإن "حلمهم بعد انخراطهم في صفوف الجماعات المسلحة الخارجة على القانون يصبح مجرد قتل وتدمير"، وهذا ما يجعل البلاد تغرق مستقبلاً في القتل والتدمير".

ويلفت الشرعبي الانتباه إلى نقطة مهمة تتعلق بالحالة النفسية المدمرة للأطفال، وهو ما أعده "جانبا خطير جدًا في قضية تجنيد الأطفال"، مؤكدا "إن هذا من أخطر الأمور التي يتم تجاهلها". ويضيف محدثنا "إن الكلفة النفسية أو الكلفة المطلوبة لترميم ومعالجة النفسية للأطفال، تعد من أعلى الكلف في المجال الاقتصادي"، فإذا كانت "كلفة إعادة اعمار بلد دمرته الحرب تقدر بمائة مليار دولار، فإن الكلفة المطلوبة لترميم وإعادة اعمار نفسية الأطفال أربعة أضعاف"، وهو ما يجعل تجار وجماعات الحروب تستهدف الأطفال، حيث "يصبح تعافي البلدان بعدها محال، نظرا للكلفة المرتفعة لإيجاد فئة أطفال معافاة تضطلع مستقبلا بإدارة البلد".


تخبط المهزوم
في وقت الذي يعتبر فيه الناشط السياسي والحقوقي نبيل البكيري بأن تجنيد الأطفال أمر بسيط وسهل في البيئات الّتي لا تعليم فيها، عدا عن حالة الفقر والعوز في هذه المناطق، يؤكّد أنه "ليس هناك تجنيد للأطفال في سن مبكر إلا لدى مليشيات الحوثي الانقلابية، والّتي تجد بيئة خصبة لذلك من الجهل والفقر، إضافة إلى النزيف الكبير في صفوف مقاتليها في مختلف الجبهات مما يدفعها لتجنيد الأطفال"، وتمكنت الجماعة "بفعل الشحن الطائفي والمذهبي لهؤلاء الأطفال من استقطابهم وبسهولة".

يشار إلى أن المقاومة الشعبية في كلا من تعز ومأرب، وضمن أسرها لعدد واسع من مقاتلي جماعة الحوثي، عرضت أطفال أسرى لديها بعد أن حقّقت معهم وتوصلت إلى أن الجماعة استدرجتهم من مدارسهم ودفعت بهم إلى مسرح القتال.

وقد أطلقت المقاومة الشعبية والجيش الوطني في محافظة مأرب، مطلع الأسبوع الماضي، سراح خمسة أطفال كانت قد قبضت عليهم وهم يقاتلون في صفوف الحوثي، معتبرة أن عملية أسر واحتجاز الأطفال لديها "ليس من أخلاق الحرب ولا من أخلاق الجيش والمقاومة".

ووجّهت المقاومة العديد من الرسائل لأولياء الأمور باتخاذ الحيطة والحذر والحفاظ على أبنائهم، الّذين صاروا ضمن قائمة الاستهداف والاستقطاب من قبل الحوثيين، والدفع بهم إلى محرقة الحرب والقتال معهم كَرهًا، وتحت ذرائع وشعارات طائفية ومذهبية زائفة.


المصدر العربي الجديد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016