اخر الاخبار

على طريق صعدة بطلاً من هوليوود..!





محمد المياحي
➖➖➖➖➖➖➖

ليس ضرورياً أن تتعرف على هوية هذا الرجل، يكفي أن تتراءى لك صورة صنعاء المذعورة في شعر رأسه الأجعد، تأمل قليلاً هناك أيضاً تحت لحيته المبتسمة تجد مدينة الجوف تتحصن من همجية العصابات، انظر اليه يبدو ضاحكاً وهو يواجه الموت من أجلنا، يبتسم للهواء ويقاتل الاشباح.. 

مررت بالصورة، استرهبتني هالتة العسكرية الخضراء والملتهبة، ظننتة بطلاً هوليودياً محارباً في عالم الأفلام؛ لكنني تفأجات حين قال لي : هذا أمين العكيمي، كيف لا تعرفه؟ هذا الذي لبس الصحراء والجبل وراح يدافع عن الصخور والوديان في الجوف، هو ذاته الذي حول القوة العسكرية لصالح وعبد الملك إلى هشيماً تذروه الرياح في ليل حافي القدمين، كيف اختفت صورته من خيالك يا صديقي، من يغفل مثل هؤلاء؟ 





قلت له: عزيزي وضاح ، أنا هنا في صنعاء المخطوفة خائف ومذعور، يقولون إن الخائف لا يمكنه تذكر الاشياء ثم إن ذاكرتي سالت يا صديقي _الذي تركني وحيداً ورحل _ وتجمدت هنا في ليل الذعر والوجل ولهذا لم استطع تذكر ملامح الرجل، أو ربما قل أن الرجل صاراً متحداً مع الطين ومتوحداً مع الرمال ، اكتسى بهوية الاشجار واستعصى عليّ معرفته،  لقد صارا سماوياً وأنى لي تفرس ملامحه.. 
هذا أمين يا محمد، أمين وتلك عيناه زائغتان في سماء مدائننا المحتلة، يفكر في خلاصنا وخلاص مدينته من قبضة الموت.. 

ترك أمين العكيمي شعره للريح والغبار وذهب يصفف ضفائر الجوف بالبارود ويجففها بقبضتيه الصخريتين وساعده الصلب.
 لحيته هي الاخرى ابيضت من النضال وهو يطارد العصابات ويخرجها من مدائن الشعوب المسكينة. 
ينام أمين قليلاً متوسدا جبين بندقيته الساخن ويصحو ليصنع فجرنا المنتظر برصاصته المقدسة.. 

طال شاربك يا أمين وصار كثاً ومملوءاً بالتراب والاحلام، أعرف ألا وقت لك لتقص شعر رأسك، انك تفكر أولاً فينا نحن الكادحين المقهورين وتنسى كل شيء، حتى نفسك وضعتها على كف الريح وسهوت عنها وذهبت تنحت حلمنا في هذا الليل البهيم..
 
يقولون : لا يحوز المجد إلا ذلك الذي نسي كل شيء حتى نفسه وذهب يفكر في خلاص أمته.. أراك هو، هو ذا المجد يبرق في عينيك ويخفق مع خصلات شعرك في الهواء.. 

 أراك خرجت من ذاتك لتقص أيادي المتمردين الذين أذلوا البشر ونسيت شاربك ولحيتك ورأسك.. إنه المجد يا صديقي ولا شيء غيره، إنه المجد..! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016