محاطا
بألسنة الدخان والنيران، اختبأ الطفل الصغير طلال مراد في جدول مياه صغير وهو يسمع
أصوات طلقات الرصاص تتردد في الهواء ممزوجة بصراخ أقاربه الذين يُقتّلون على أيدي مقاتلي
تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".
طلال،
أحد السكان السابقين لمنطقة جبل سنجار، التي كانت تسكنها الأقلية الأيزيدية. ترك منزله
بصحبه والده وأمه وأخته الصغيرة، قاصدين مزرعة عمه لعلها تكون بعيدة عن مقاتلي تنظيم
داعش، لكنها لم تكن كذلك.
قتلوا
الرجال وخطفوا النساء
فأثناء
الهجوم، الذي نفذه داعش على جبل سنجار، اقتحم مجموعة من المقاتلين هذه المزرعة، وقتلوا
معظم الرجال، ومن بينهم والد طلال، ثم أخذوا الفتيات الصغيرات في سياراتهم، وتركوا
النساء المتقدمات في العمر والأطفال ومن بينهم والدة طلال وأخته الصغيرة.
تعرفت
نوري مراد على جثة زوجها، ثم تركتها وخرجت هي وطلال وأخته الصغيرة روخان إلى قمة الجبل،
خوفا من عودة مقاتلي التنظيم.
مزرعة
عم مراد تحولت إلى مقبرة جماعية بعد خروج التنظيم، وجثة والده وباقي أفراد عائلته لا
تزال تقبع تحت التراب في هذه المنطقة، في انتظار عودة الأقارب بعد انتهاء القتال.
هذه
المقبرة واحدة من 72 مقبرة جماعية اكتشفت في المناطق التي كانت تحت سيطرة التنظيم المتشدد،
والذي لم يهتم حتى بتغطية هذه المقابر، بل تركها مكشوفة.
تقول
ناعومي كيكولر من متحف الهولوكوست في واشنطن والتي زارت المنطقة مؤخرا، "كانت
هناك نية لدى التنظيم لإبادة الأٌقلية اليزيدية".
وتضيف
كيكولر "لا يوجد أي اهتمام ممنهج لتوثيق الجرائم التي ارتكبت والحفاظ على الأدلة".
ومن
المتوقع اكتشاف مقابر جماعية أخرى بعيدا عن المنطقة التي كان يسكنها الأيزيدين، إذ
إن التنظيم كان يسيطر على مساحات واسعة شمال العراق.
مقابر
جماعية على الخرائط
وتقدم
الأقمار الصناعية أدلة أكثر على المقابر الجماعية التي ارتكبها داعش، منها واحدة في
منطقة سجن بدوش وُجد بها نحو 600 جثة في حزيران/يونيو 2014.
وتقدم
شركة AllSource
Analysis
خرائط تدلل على وجود هذه المقابر في سورية وفي العراق.
وحسب
الصور، فإن الجثث مصفوفة على مساحة تعادل ضعفي مساحة ملعب كرة قدم قرب الموصل.
الناجون
من هذه المذبحة ذكروا أن مقاتلي التنظيم قسموهم حسب الديانة والمذهب، وطلبوا من الشيعة
التقدم، ثم أطلقوا عليهم النيران.
وعلى
الأرجح فإن مئات من المقابر الجماعية سوف تُكتشف في سورية بعد انتهاء القتال خاصة في
المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش، إذ من الصعب الحصول على معلومات حول ذلك حاليا.
وعلى
الرغم من هذا، فإن بعض المواطنين الذين يعيشون في تلك المناطق قد وثقوا وجود مقابر
جماعية عدة في دير الزور. وحتى الآن، فقد اكتشفت 17 مقبرة جماعية في سورية.
المصدر
: أسوشيتد برس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق