اخر الاخبار

اريترية تبحث عن الله في المهرة وتصرخ: لم اعتنق الإسلام حتى أمد يدي للناس



وكالة أرصفة للأنباء: لميس الأصبحي- بمساعدة وليد عبد الواسع
في طفولتها كانت تسترق النظرات لأسرة مسلمة تسكن جوار منزلهم.. ومنهم اقتبست كلماتهم عن الله ومحمد والرحمن الرحيم.. فأحبت الإسلام في قلبها منذ الصغر..

"ميرمونة مسقنة".. الشابة العشرينية السمراء القادمة من اريتريا، حكاية وجع  بدأت تفاصيلها بينما تحط أقدامها في محافظة المهرة، شرقي اليمن، كمحطة عبور إلى سلطنة عمان ومنها إلى مدينة دبي بالإمارات العربية المتحدة، حيث أسرتها تعيش هناك، لعلها تستطيع الوصول إلى أمريكا و تلتقي بحضن أمها الدافئ..


لكن العطف والتسامح ومدى التراحم بين المسلمين فيما بينهم، ومع الآخرين، وأخلاقهم العالية وحبهم للدين الإسلامي، وغيرها من صفات استشعرتها من تلك الأسرة، لم تلمسه بعد اعتناقها الإسلام الذي خسرت بسببه حياة العز الرغيدة وأسرتها..

"جئت للإسلام ونفسي تتوق شغفاً لهذا الدين وكلي رغبة وتعمق وتقبل لمعرفة هذا الدين والتقرب من الله سبحانه.. لكن ما الذي قدم لي الإسلام؟؟": تقول، في حديث خاص لـ" وكالة أرصفة للأنباء"..

فالشاب المسلم الذي اعتنقت بسبب زواجها منه الإسلام، غادرها وطفلين، دون أن يدع لها سوى مزيداً من التشرد والضياع.. وصوت يكاد يصرخ ليوقظ العالم: "لم أدخل الإسلام حتى أمد يدي للناس لقد كنت مسيحية ومن أسرة ميسورة الحال".. بينما تمد يدها للمارين:" يا رب يا كريم؟"..

كبرنا وكبرت أوجاعنا معنا وعانقت حدود السماء فهل من فرج يرفرف ويبشر بالأجمل يا ريت ولو حتى أكذوبة بأن القادم سيكون بخير وأن هناك غداً أفضل..

فها هو الغد قد جاء ولكن أيضاً بماذا جاء؟! لقد جاء بجوع قاتل والموت يقترب رويداً رويداً ويوشك أن يقطع أوصال هذه الأسرة.

رحلة الأحلام
"ميرمونة مسقنة".. اريترية الجنسية، مسيحية الديانة.. هي امرأة أكملت الثلاثة والعشرين عاماً من عمرها، وأم لطفلين "محمود- 3 سنوات" و "صابرين- 6 أشهر".

قدمت "ميرمونة مسقنة" إلى اليمن قاصدة عمان ومنها إلى دبي، حيث أسرتها التي تعيش هناك، لعل وعسى تستطيع الوصول إلى أمريكا و تلتقي بحضن أمها الدافئ..

اعتنقت "ميرمونة" الإسلام وهي لا تعلم من الإسلام شياً.. وبعد أن شاء القدر أن تتعثر في رحلتها لتستقر في  اليمن..

مفترق حياة
في محافظة المهرة، حيث استقرت "ميرمونة"، شاءت الأقدار أن يولد حب بين قلبين، قلب يعتنق الدين المسيحي وقلب يبجل ويعتنق الإسلام..

كان سائق التاكسي/ عبد الفتاح، القادم من أرض الصومال، هو الشاب المسلم الذي أحبته وأحبها.. وحينما اتفقا على أن يتوج هذا الحب بالزواج تذكر "عبدالفتاح" أن "ميرمونة" امرأة مسيحية، وأن دينه الإسلام يحرم الزواج من امرأة غير مسلمة..

فكرت "ميرمونة" كثيراً بالموضوع، لتحسم أمرها الذي تحكم به قلبها المتشبع بالحب.. قررت اعتناق الإسلام، وهي مقتنعة بهذا الدين الذي ظلت تحلم به طيلة حياتها منذ أن كانت طفلة صغيرة وهي في موطنها الأصلي اريتريا، حد إفادتها.

استشعار الذكريات
تتحدث"منى"، وهو اسمه ميرمونة الجديد بعد دخولها الإسلام، عن طفولتها حينما كانت تسترق النظرات لأسرة مسلمة كانت قريبة من منزلهم..

"أحببت الإسلام في قلبي منذ صغري": قالت "منى"، في حديثها الخاص لـ"وكالة أرصفة للأنباء"، بقوة واعتزاز ودمعتها تكاد تتفجر من عينيها، فيما صوتها يرعد ببراكين من القهر..

تحكي لـ" مراسل أرصفة" في محافظة المهرة، عن أخلاقهم العالية وحبهم للدين الإسلامي، وكيف أنها اقتبست منهم كلماتهم عن الله ومحمد والرحمن الرحيم..

استشعرت منى العطف والتسامح النابع  ومدى التراحم بين المسلمين فيما بينهم، ومع  الآخرين.. "أنا أسلمت ولن أتخلى عن هذا الدين حتى لو كلفني ذلك حياتي": تؤكد "منى" لـ"أرصفة"..

مبتدأ الوجع
بعد أن أعلنت "منى" إسلامها ونفسها تتوق شغفاً لهذا الدين أكثر فأكثر.. لكنها لم تجد من يساعدها ويقوم بتعليمها أساسيات وفروض الدين الجديد من صلاة وصيام وغيره، حد قولها.. لقد كانت تبذل جهد شخصي للتقرب من الله أكثر رغم معاناتها الأليمة ..

تمضي الأيام و"منى" لا تعرف من الإسلام إلا كلمات معدودة.. "هل تصلي؟": سألتها.. وبكل قوة ترد:"أنا أصلي في قلبي لكني أصوم".

كم أنت قاسية أيتها الحياة؟! وكم من البشاعة تحملي لنا في طيات أيامك؟!.. فبعد عامين من زواجها بسائق التاكسي، يقرر "عبدالفتاح" السفر والعودة للصومال غير آبه بزوجته وأولاده..

غادر عبد الفتاح تاركاً خلفه امرأة تخلى عنها أقارب وأصدقاء، لم تعد تجد منهم حتى السؤال عن وضعها، بعد أن كانوا يهتموا بها وحريصين جداً على مساعدتها وتوفير المال الكافي لها..

صرخات حسرة
بحسرة تنتاب "منى" ودموع تتحشرج خلف عيون قهرها الزمن وصوت يكاد يصرخ ليوقظ هذا العالم وكأنه يحمل دهراً من الوجع.. تمد يدها لي لتقول:" يا رب يا كريم؟"

خطر ببالي ألف سؤال وسؤال.. لترد منى عن كل ما كان يجول في خاطري.. "لم أدخل الإسلام حتى أمد يدي للناس لقد كنت مسيحية ومن أسرة ميسورة الحال": تصرخ بوجع..

وتضيف، في حديثها لـ" وكالة أرصفة للأنباء": "لم يكن هذا يحصل لي في ديني السابق.. فكيف أخرج للشارع وأمد يدي للناس، ليس هكذا الإسلام الذي حلمت به"..

تساؤلات مرهقة
لم تكف عن لغة الاحتجاج والتذمر، تواصل:" ليس هذا هو الدين الإسلامي الذي حاولت التقرب منه حتى يجعلني مرمية في قارعة الطريق أتسول، و أردد: يا رب يا كريم!!"..

"هل هكذا سيكون عشقي لهذا الدين؟!": تتساءل "منى" باستغراب.. بينما تتذكر حياتها السابقة الرغيدة والهنيئة وكيف صارت اليوم..

تكاد تنفجر، صارخة: "بعد أن كنت أنعم بالحرير والوسادات الناعمة، الآن افترش الأرض تراباً أنا وأولادي والجوع يكوي ويمزق ما تبقى من جسد أتعبته الأيام"..

فقدت منى أسرتها، كما فقدت كل ما كانت تجود به أياديهم لها.. والأكثر إيلاماً العقاب الذي صبته الأسرة عليها، جزاء اعتناقها دين غير دينهم.. لقد أعلنوا أنها توفيت، حد إفادة منى، وتماماً قطعوا كل رابط يمد صلتهم بابنتهم.

تتساءل بوجع:" من سيعيد لي أسرتي التي ضحت و قدمت الكثير لأجلي؟!.. وكم سيعطف عليا الجيران وعلى أولادي؟!.. تتساءل بوجع طافح، وغصة تكاد تخنقها..

البحث عن الله
تكفكف دموعها، ينقطع كلامها، ولا يبقى سوى تنهدات ولغة بكاء صامتة.. تسترد أنفاسها المتصاعدة، قبل أن تأخذ نفساُ عميقاً، ثم تعاود حديثها بسؤال أكثر إيلاماً:" والاهم ما الذنب الذي اقترفته حتى يتخلى زوجي عني وعن أولاده؟!"..


"جئت للإسلام ونفسي تتوق شغفاً لهذا الدين وكلي رغبة وتعمق وتقبل لمعرفة هذا الدين والتقرب من الله سبحانه": تقول منى..

تضيف:"لكن ما الذي قدم لي الإسلام؟؟".. وتعثرت الكلمات بينما تلملم أوجاعها عائدة إلى عشها الترابي، فوق الرصيف، عند أحد شوارع محافظة المهرة، شرق اليمن، وهي تفكر وتبحث: "أين أنت يا الله؟!"..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016