اخر الاخبار

اليمن.. انسداد آفاق السلام يعكر بهجة رمضان



وكالة أرصفة للأنباء: وليد عبد الواسع
طفلة يمنية من محافظة تعز تبكي من فجائع الحرب

يتساءل الكثير من المواطنين اليمنيين، ومعهم مراقبين للأزمة اليمنية: هل يحمل شهر رمضان السلام إلى اليمن؟!.. تساؤل يبدو محير حقاً أمام ضبابية مستقبل السلام ومحادثاته المنعقدة في دولة الكويت بين أطراف الصراع الدائر في البلد منذ أكثر من عام..

"كان يفترض أن يأتي الشهر الكريم وقد توصل الطرفان إلى بداية الحل.. لكن للأسف اليمنيون يستقبلون رمضان بوضع اقتصادي كارثي، وأفق مسدود": يقول مراقبون، كما هو هاجس كل يمني.

تدخل محادثات السلام اليمنية الجارية في الكويت أسبوعها التاسع دون التوصل إلى اتفاق على إيقاف الحرب؛ لكن المسئولين يتحدثون عن وعود دولية بأن يحل السلام مع حلول شهر رمضان المبارك.

مستقبل السلام يكتنفه الغموض ولا يمكن أن تتحدد ملامحه إلا بتوفر نوايا حقيقية للسلام لدى الأطراف اليمنية، يوضح محللون سياسيون.. فيما الأوضاع على الأرض لاتبشر بخير، والمعارك محتدمة دون توقف، وسط انهيار اقتصادي وأزمة إنسانية لم يشهد لهما اليمن مثيلا..

قدوم شهر رمضان الفضيل على اليمنيين، دون أن تحمل مشاورات الكويت لهم، ما كان مرتقباً، ولا أي تباشير أمل بحل الأزمة القائمة والصراع الدائر في اليمن. سوى مزيداً من تعقيد الأوضاع وترديها إلى الأسوأ في جوانب شتى.. خيب آمال 25 مليون مواطن تعصف بهم ظروف الحياة وتطحنهم رحى الحرب والصراع..

وعود زائفة
من جلسات المشاورات اليمنية اليمنية في دولة الكويت
طوال الأسابيع الماضية، عقد ممثلو الحكومة والحوثيين والرئيس السابق عدة جلسات مشتركة ومنفصلة، كان أبرز ما نتج عنها، هو تشكيل ثلاث لجان تتولى وضع خريطة طريق لإيقاف الحرب واستئناف الحوار..

فيما حققت لجنة الأسرى والمعتقلين أهم إنجاز، بالاتفاق على الإفراج عن ألف معتقل على الأقل، لكن دون تنفيذ لهذا البند الذي بدأ الانقلابيون يتملصون من الإيفاء به؛ في حين استمر الخلاف حول مهمات اللجنة العسكرية واللجنة السياسية.

ووسط انهيار اقتصادي وأزمة إنسانية لم يشهد لهما اليمن مثيلا، أعلن وزير الخارجية اليمني رئيس فريق المفاوضين عبد الملك المخلافي أن فريق مفاوضيه تلقى وعدا دوليا بوقف الحرب على جميع الجبهات، وإطلاق سراح المعتقلين خلال الأيام المقبلة٬ وتحديدا قبل دخول شهر رمضان.

يبدي المحلل السياسي/ ياسين التميمي أسفه من قدوم شهر رمضان الفضيل على اليمنيين، دون أن تحمل مشاورات الكويت لهم، كما كان مرتقباً، أي تباشير أمل بحل الأزمة القائمة والصراع الدائر في اليمن. سوى مزيداً من تعقيد الأوضاع وترديها إلى الأسوأ في جوانب شتى: سياسية، اقتصادية، أمنية، وغيرها..

يقول التميمي: كان يفترض أن يأتي الشهر الكريم وقد توصل الطرفان إلى بداية الحل.. لكن للأسف اليمنيون يستقبلون رمضان بوضع اقتصادي كارثي، وأفق مسدود.

المخلافي قال إن هذا الوعد هدفه تطمين الحكومة اليمنية، وتأكيد جدية المساعي الدولية لإحلال السلام ووقف الحرب.

 طبقا لهذه التصريحات، فإن هناك اجتماعات متواصلة يعقدها سفراء السعودية والولايات المتحدة وبريطانيا مع اللجنة العسكرية المكلفة بالتهدئة وتثبيت وقف إطلاق النار من أجل إيقاف الحرب قبل شهر رمضان..

على أن تستمر المحادثات في مناقشة ملف الانسحاب من المدن وتجميع الأسلحة ومهمة تشكيل حكومة وفاق وطني جديدة. وهي مهمة شاقة ستسمر شهورا، وخاصة في ظل الخلافات العميقة القائمة بين الطرفين وحالة انعدام الثقة القائمة بينهما.

إلا أن ياسين التميمي يرى أن مستقبل السلام يكتنفه الغموض ولا يمكن أن تتحدد ملامحه إلا بتوفر نوايا حقيقية للسلام لدى الأطراف اليمنية.

وبحسب التميمي هذا لن يتأتى إلا إذا أحس الانقلابيون بأن فائض القوة لديهم قد تراجع إلى حد الخطورة ولم يعد بوسعهم أيضا تلقي إشارات مشجعة من الخارج.

أعباء وتجارب

المبعوث الدولي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد كان قد عقد جلسات متتالية مع كل من الفريقين، ركزت على استعراض تجارب بلدان شهدت صراعات مماثلة لما تشهده اليمن حاليا..

بمساعدة خبراء دوليين تم عرض تجارب تلك البلدان في مجال نزع الأسلحة ودمج المليشيات في القوات النظامية وطريقة تشكيل إدارة انتقالية مشتركة تحضر لانتخابات عامة.

وسط تشدد حكومي رافض لفكرة تشكيل حكومة انتقالية قبل الانسحاب من المدن ونزع الأسلحة، تحدث  وزير الخارجية اليمني عن أن وفد الحكومة ينطلق في هذه المشاورات مما قدمه ولد الشيخ أحمد من ضمانات تعتمد على المرجعيات الثلاث٬ التي ستكون الركيزة في كل ما سيحدث مستقبلا.

وقال إن تحركات المبعوث الدولي خلال هذه الأيام ستكون مكرسة للمفاوضين الحوثيين وأتباع الرئيس السابق.

وفي ظل إصرار دولي وإقليمي على ألا يغادر المفاوضون الكويت إلا بعد التوصل إلى اتفاق شامل لإنهاء الحرب..

تبدو الأزمة الاقتصادية التي يعيشها اليمن مع انهيار قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار، ودخول سبعة ملايين شخص في دائرة  الجوع، عاملا مهما في ممارسة الضغط على الطرفين من أجل تقديم تنازلات حقيقية لإحلال السلام، خصوصا أن أي طرف لم يتمكن حتى الآن من إثبات تفوقه العسكري وقدرته على الحسم.

مع ذلك، فإن العبء الباهظ للحرب، وفقاً لمحللين، وصعود الجماعات المسلحة كأهم الأطراف التي استفادت من القتال المتواصل في اليمن، وخطورة ذلك على الأمن الإقليمي والدولي، لا تزال تشكل أهم العوامل التي دفعت المجتمع الدولي إلى استنفار قوته السياسية في سبيل إيقاف القتال، واستئناف المسار السياسي.

وهو أمر شدد عليه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، الذي جزم بأن عودة الاستقرار إلى اليمن هو المفتاح.

مستقبل مرهون

أحاديث تداولتها وسائل إعلام عن هدنة يمنية وتبادل أسرى قبل حلول شهر رمضان، أفادت بتوصل القوى الدولية الراعية لمحادثات السلام في الكويت إلى اتفاق لوقف كل العمليات القتالية وإطلاق سراح المعتقلين قبل حلول شهر رمضان.

بيد أن رئيس المنتدى العربي للدراسات والتنمية/ نبيل البكيري يؤكد  أن مستقبل السلام في اليمن مرهون بانتصار اليمنيين وإسقاط الانقلاب بأي وسيلة كانت ولا وسيلة أنسب من حسم عسكري.


لأن الخيار السياسي للحسم يعني، في توصيف البكيري، انتصار المليشيات وانتصار المشروع الإيراني وهيمنته ليس على اليمن فحسب وإنما على المنطقة الخليجية والعربية كلها.

يقول البكيري، المشاورات فشلت قبل انطلاقها على عكس ما تريده بعض القوى الدولية التي تريد من هذه المشاورات أن تكون قنطرة عبور للمشروع الانقلابي إلى سلطة شرعية معترف بها دوليا..

ويعتبر البكيري أن هذا هو ما لم يتحقق حتى الآن، ولذا رأينا حرص المجتمع الدولي على استمرار المشاورات حتى تحقيق ما يراد منها، وهو شرعنة الانقلاب تحت لافتة نجاح هذه المشاورات بأي طريقة كانت..

يضيف:" أهم شيء بالنسبة لهم كيف يكسبون هذه المليشيات اعتراف شرعي كمكون سياسي حاكم تحت لافتة حكومة وطنية يكون الانقلابيون هم قطب رحاها ومحركها الرئيسي".

صحيفة "البيان" الإماراتية، قالت الأحد، إن الاتفاق شمل أيضا استمرار المحادثات الرامية إلى تطبيق باقي بنود قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216.

الصحيفة نقلت عن مفاوضين في الوفد الحكومي اليمني قولهم إن الدول الـ18 الراعية للسلام في اليمن (الخمس دائمي العضوية في مجلس الأمن + الاتحاد الأوروبي+ دول مجلس التعاون الخليجي) أبلغت الوفد الحكومي بوجود اتفاق دولي على وقف الحرب بشكل كامل قبل حلول شهر رمضان.

وأضافت أن وقف العمليات القتالية سيتزامن أيضا مع إطلاق سراح المعتقلين والأسرى، وستفرض رقابة دولية على الهدنة وفتح ممرات إلى المدن اليمنية.

تفاؤل حذر
بين مفاوضات السلام اليمنية في الكويت وآمال حقن الدماء في رمضان تتواصل المحادثات اليمنية بين وفد الحكومة والحوثيين في الكويت من أجل التوصل إلى تسوية للأزمة اليمنية..

يتفاوض الجانبان على تفاصيلها الخاصة بالسلاح والميليشيات وغيرها، لكن وسط هذا الزخم السياسي، يظل اليمنيون ينتظرون انفراجة قريبة أو على الأقل هدنة تجنبهم القتال في شهر رمضان.

وسط تفاؤل حذر تقول مصادر تابعة للوفد الحكومي اليمني، إن المفاوضات اليمنية في الكويت أحرزت تقدما، على المسار الإنساني، خلال الأيام الماضية.. بينما يظل المسار السياسي في حالة من التعثر.

غير أن ما أنجزته المشاورات يؤكد التميمي أنها لم تحقق أي انجاز سوى أنها أبقت على خيار الحل السياسي قائما حتى الآن..  والسبب في تقديره يعود إلى أن أي من الطرفين في هذه  المرحلة لا يميل إلى هذا الحل..

يقول التميمي: الشرعية ومعها التحالف يرون في الحل السياسي تحجيما الانجاز الذي تحقق بواسطة القوة العسكرية لأنه سيبقي على دور الأطراف التي قوضت الحل السلمي وسيبقي على التهديدات ذاتها.

ويضيف:" والانقلابيون يرون أن الحل السياسي سيفقدهم المكاسب التي تحققت منذ أن قرروا الاستيلاء السلطة بقوة السلاح، وسيعني عمليا انتهاء شرعية القوة في مقابل قوة الشرعية"..

ونقلت قناة "سكاي نيوز" عن وزيرة الشؤون القانونية اليمنية، نهال العولقي، قولها إن هناك مبادئ شبه جاهزة بشأن المعتقلين السياسيين، مؤكدة أن الاتفاق سيتم التوقيع عليه خلال أيام قليلة.

التفاؤل والاتفاق الذي تتحدث عنه وسائل الإعلام الموالية للحكومة اليمنية، يقابله في الوقت ذاته تأكيدات من مصادر مقربة من المفاوضات، تقول أيضا أن هناك اتفاق على الإطاحة برأس هرم السلطة الشرعية.

لكن وزير الخارجية اليمني ورئيس وفد الحكومة التفاوضي في مشاورات الكويت، عبد الملك المخلافي، أكد أن مشاورات السلام لا تزال تدور حول انسحاب المليشيا من المدن وتسليم السلاح، وما عدا ذلك "محض خيال". متهما الحوثيون وحزب الرئيس السابق "بالهروب إلى الشائعات.

مماحكات تجعل من الواقع غير مبشر ببارقة أمل لانفراجة وضع يتأزم يوماً عن آخر، ويمضي بحياة 25 مليون مواطن نحو الأسوأ..

نوايا
وفي حين بيت الانقلابيون نيتهم لإفشال مشاورات الكويت إذا لم يستطيعوا ترويضها والاستفادة منها في تحقيق أهدافهم، وفقاً للتميمي..

يوضح التميمي أنه لم تتوفر نوايا حقيقية لدى الأطراف الدولية للدفع بالمشاورات قدما تأسيسا على القرار الدولي رقم 2216، بالإضافة إلى التضارب في أهداف التحالف، وقيام بعض دوله بحرف مسار المعركة نحو أهداف غير ذات أولوية، بل ومحاولة الخلط بين المقاومة والانقلابيين.

لكن يمكن، بالنسبة لرؤية ياسين، النظر إلى الزوايا الخفية من مساحة المشاورات التي تدور فيها معظم النقاشات الجادة بشأن مستقبل التسوية ويتم فيها تداول صيغ مختلفة..

أيضاً يمكن الرهان على المشاورات الموازية التي تام بين الأطراف الحقيقة والمؤثرة في الأزمة اليمنية، ومن المؤسف أن هذه الأطراف غير يمنية.

ووسط المفاوضات الرامية إلى وقف إطلاق النار، وتنفيذ القرارات الدولية، ومحاولة كل طرف تحقيق مكسب سياسي على حساب الآخر، يتحدث الواقع على الأرض ويقول رأيا مختلفا عن التصريحات التي يصدرها الساسة المشاركون في المفاوضات.

رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات، ومدرس العلوم السياسية في جامعة الملك سعود/ نجيب غلاب يفيد أن التحولات في اليمن ما زالت في بداياتها ولم تصل بعد إلى الحسم.

يشير غلاب إلى أن البنوك في اليمن ستعلن إفلاسها والبنك المركزي على حافة الهاوية والقطاع الخاص يتهاوى والعملية الإنتاجية متوقفة والحوثية تراكم أرباحها من السوق السوداء والنمو بالسالب وقد يبلغ حسب توقعات اقتصادية نهاية السنة ٦٠٪..

يقول:" بمعنى أن اليمن كمن يأكل نفسه، والبطالة تزداد يوميا ومدخرات الناس تستنزف والأسعار تشتعل وبلادنا تموت".

وفيما ينبه بأن الشعب يموت جوعا ومدخرات الحوثية المالية تتراكم وأن من أسباب انهيار العملة عمليات غسيل الأموال وكنز العملات الصعبة من قبل التنظيم الحوثي وشبكات المافيا التابعة لهم وهم يخططون لاستمرار عمليات النهب عبر مصادرة الأموال تحت مبررات يعدون لها.

يحذر رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات من أن الجميع في خطر وبلا استثناء، وأنه علينا أن ندافع عن أنفسنا بكل الممكنات.. لأن استمرار التعاطي مع الحوثية في الداخل والخارج سيزيد من تهورها ولن تعقل وتساعدنا على إنجاز سلام لإنقاذ وطن يموت بين أيديهم لتحيا الحركة وكهنوتها ويذهب الشعب إلى الجحيم، حد قوله.

ويؤكد أن كل فرد مسئول عن مواجهة هذه الجريمة باعتباره دفاع عن وجود كل واحد منا وعن وجودنا جميعا  وبقائنا على قيد الحياة.
معتبراً الثورة بأنها لم تعدّ خيارا أو مسألة قابلة للنقاش بل إجبارية وتلقائية لإنقاذ أنفسنا، كوننا نتآكل ونأكل من وحش جشع لن يشبع من امتصاص دمائنا لتزداد قوته حتى ونحن نموت من الجوع.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016