عمار الأشول
__________&
في الأسبوع الماضي انتهت عملية تسليم مقاتلي «القوى المسلحة الثورية الكولومبية» (ما يُختصر بـ «فارك») أسلحتهم الى بعثة الأمم المتحدة الموجودة لهذه الغاية في البلاد، وذلك بعد 50 عاماً من الصراع الدموي. وسيؤهَّل هؤلاء المقاتلون ليصبحوا حرّاساً مدنيين أو مرافقين، وسيمكنهم بعد وقت تشكيل حزبهم السياسي.
العبرة: هل سنتعلّم من دروس التاريخ ومن تجارب غيرنا أم أننا نريد أن نخوض حروباً لقرن أو نصف قرن، لنقبل بعد ذلك أن ننخرط في العملية السياسية، ونشكّل حزباً سياسياً!
العالم تغيّر، والسلاح الناري وحده لم يعد كفيلاً ببسط السطلة وفرض الولاء، نحن نعيش اليوم في فضاء مفتوح، متشابك ومتداخل، وإذا لم ننخرط فيه ونركب على العربة التي تهرول مسرعة، سندرك أننا متأخرين جداً، ناهيك عن أن دمائنا ستصل إلى الركب، وجراحنا ستكون غائرة. بعد ذلك، وبعد طول عناء، سنجد أنفسنا مضطرّين لرفع أيدينا، بكل أسف، للقبول بالإنخراط في العملية السياسية، وترك السلاح الذي عبدناه وقتلنا، كما عملتْ، بالضبط «القوى المسلحة الثورية الكولومبية» (فارك)، قبل اسبوع، والعبر غيرها كثيرة.
وهنا... ليس المقصود المطالبة بالإستسلام أمام "التحالف" الذي تقوده السعودية، إنما السلام مع أبناء الشعب اليمني، وفتح صفحة جديدة تؤسس لحياة أفضل، فالشعب اليمني يستحق أن يعيش.
الأخ عبدالملك الحوثي، أشاطرك الرأي أن لليمن أعداء تاريخيين، كُثر، كما لا ننسى أن له، أيضاً، أغبياء من بين أبناءه، ساقوه مراراً إلى محارق الموت، بجهل وبدون جهل، والتاريخ خير شاهد.
وعند الحديث عن الماضي تتكشف أمامنا ملامح المستقل، وهاهو الآتي يبدو لنا حالك، لونه كلون الغراب، وتقاسيم وجهه شاخت رغم أنه لم يولد بعد. يبدو ذلك جلياً من خلال المعاناة التي يعيشها المواطن اليمني في حاضره، بدءً بالحرب بين الإخوة الأعداء، مروراً بانقطاع المرتببات لما يقارب العام، ووصولاً إلى الأمراض والأوبئة التي تفتك بالشعب، كالكوليرا والجدري وغيرها.
خمسون عاماً قضتها "فارك" في الصراع، لتقتنع مؤخراً بأنه لا بد من أن تحوّل أنشطتها العسكرية إلى سياسية، فهل تكفينا خمس سنوات مضت لنعتبر، ولنتّعظ، أم أن علينا أن نضحي بجيلين كاملين، بنا وبأبنائنا، حتى يجنح أحفادنا للسلام، والذي بدورهم سيحتاجون لجيلين كاملين ليعيدوا بناء ما أفسدناه نحن، ونكون بذلك قد خسرنا خمسة أجيال، هذا إذا حالفنا الحظ كما حالف "فارك"، ولا أعتقد أن نكون محظوظين إذا لم ننتهز الفرصة الآن، ونعلنها مدويّة، سلام سلام، سلام الشجعان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق