اخر الاخبار

‏الحب في زمن الواتس اب

 
فيصل علي 

"الحب في زمن الواتس اب" هي القصة التي قررت كتابتها لكني لم أفعل بعد، فالشجرة التي استظل بأغصانها وقت الكتابة لا تتحمل أحرفا أخرى، تزيد عما أكتبه كل يوم، بالإضافة إلى أن عشرات العصافير ستهجر أغصانها إن فعلت، فالحب لا تتحمله الأشجار ولا العصافير، ووحدهم المجانين يفعلون. 

اليوم وأنا تحت ظل شجرتي الحانية، قرأت أن الواتس اب قد تطور فجأة حتى أن له تأثيرا يغني من ركب على ظهره الشيطان، وتلبس به إبليس عن الحضور بين يدي الشيخ، وشيخ الجن صار يؤدي الطقوس عن بعد ، لقد تطور هذا العالم وأنا مازلت استظل بتلك الشجرة، لا أنا أصبحت طيرا ولا العصفورة الصفراء تنازلت لي عن عشها الصغير، حتى آوي إليه إن حلت العاصفة.

في الزمن الأول وفي قريتنا البعيدة  أتى جارنا الفلاح بعروسه السمراء الطويلة إلى قريتنا من قرية بعيدة نسيت اسمها، لم تكن جميلة بذلك القدر الذي يتخيله المراهقون في القرية، قال لي أحدهم: " هذه العروس قامتها ماشاء الله، لكن وجهها على الله"، وأدركت حينها أن ما بين مشيئة الله وقدرته أمورا لا يفهما المراهقون.

في ثاني أيام العرس كان على تلك البنية التي فقدت عذريتها قبل ليلة واحدة وطافت المزينة تبشر الأمهات والجدات أنها دخلت القرية بكامل شرفها،  أن تحمل "الزوادة" إلى الوادي، والزوادة  لمن لا يعرفها عبارة عن "عزفي مصنوعة من ورق النخيل محبوكة بطريقة حميرية أنيقة، وضع داخلها أكل قروي من فطائر  الدخن، ودعسة سمن بلدي، وقشوة الحقين، وجمنة القهوة، وبسباس حار مسحوق بحجر على حجر وهي مكينة حميرية يتوارثها الناس منذ آلاف السنين، تسمى المرها أو المرهك ".

  تلك العروس القادمة من قرية بعيدة لا تعرف طريق الوادي ولا موقع "الجربة" التي يحرثها زوجها الفلاح هو وعائلته، فسألتهم كيف سأصل إليكم وأنا لا أعرف الطريق؟ لم يكن هناك جوجل ماب، ولا خرائط الطرق التي ترشد المارة والعابرين للدروب، كما هو حاصل اليوم في مدن الزفت الأسود والأبنية العملاقة، فالقرويون لا يعدمون الحيلة، فقد ذروا لها التبن خلفهم وقالوا لها تتبعيه ففعلت. 

وهذا الشيخ الذي تعلم قريبا استخدام الواتس اب وصار لديه صفحة على الفيسبوك، يعلن فيها عن مركزه للرقية الشرعية عبر الوات...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016