اخر الاخبار

خبراء : 13 ألف موقع أثري تعرض للاتلاف والدمار جراء الصراعات المسلحة





أبوظبي / وام /
 =======

أكد الخبراء المشاركون في المؤتمر الدولي " الحفاظ على التراث الثقافي المهدد بالخطر" الذي اختتم أعماله في أبوظبي وعقد في إطار شراكة دولية دعا إليها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة والرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند .. أن / 13 / ألف موقع أثري قد تعرضت للإتلاف والدمار جراء الصراعات المسلحة من بينها 850 حادثة خلال العام الماضي نتيجة العمليات العسكرية المسلحة والهجمات المتعمدة التي تشنها المجموعات الإرهابية.

وأضافوا أن أكثر المواقع التي تعرضت لأعمال التدمير هي مواقع تابعة للتراث الإسلامي من بينها مساجد وأضرحة ومقامات.


وشددوا على أهمية التحرك السريع لتنفيذ عمليات الحصر وتنظيم المجتمعات والبدء في إجراء الترميم .. مشيرين إلى أنه أمر لا يستعيد فقط الكنوز التراثية التي تم إتلافها وإنما يسهم أيضا في توحيد المجتمع حول هدف مشترك واحد يستعيد من خلاله لحمته التي فقدها خلال الصراع.

وأجمع الخبراء المشاركون على ضرورة التأهب والاستعداد وتحضير المجتمعات المحلية للحماية الوقائية لمواقع التراث وكذلك الخبراء والمعنيين بالأمر لاستباق الكوارث والتمتع بالقدرة على تطبيق الإجراءات الفورية على الأرض باعتباره نهجا ضروريا لخفض تأثيرات الهجمات وأعمل التخريب المتعمد للمواقع الثقافية التراثية.

و أكدوا ضرورة وجود عمليات توثيقية عبر مستندات مفصلة تسهم في مساعدة الخبراء خلال إجراء عمليات الترميم وإعادة التأهيل للمواقع الأثرية في مدن مثل تدمر السورية التي تعرضت كنوزها لدمار كبير ومتعمد حيث تعتبر علميات الأرشفة الإلكترونية اليوم أمرا ضروريا وإجراء وقائيا وليست رفاهية إلا أن إمكانيات الدول العربية في هذا المجال لا زالت محدودة وتحتاج إلى تطوير كما أن وجود أرشيف قوي للممتلكات الأثرية والتراثية يساعد على إثبات الملكية الفكرية والقانونية للدول والثقافات. وأشار المشاركون إلى أهمية وجود عملية ربط قوية بين الاستراتيجيات وإجراءات الاستعداد مع توافر شبكة من الخبراء على أرض الواقع يقومون بتطبيق تلك الاستراتيجية الشاملة.

واستعرضوا عددا من الأمثلة والتجارب الوقائية التي حققت نجاحات كبيرة في مجال الحفاظ على التراث الثقافي ومن بينها " المتحف الوطني " في بيروت الذي يحتفظ منذ عام 1937 بمقتنيات فنية منذ فترة ما قبل التاريخ وحتى القرن الثامن عشر والتي تعرضت لدمار كبير خلال فترة الحرب الأهلية عام 1975 .. إلا أن فريق المتحف تمكن من حماية معظم تلك الكنوز بأساليب متنوعة ومختلفة ضمنت حماية المقتنيات القابلة للنقل والأخرى كبيرة الحجم من خلال بناء أسوار أسمنتية قوية حولها لحمايتها خلال الصراعات المسلحة كما نجح الفريق في انقاذ وترميم العديد من المقتنيات الهشة ومن بينها أعمال زجاجية وفسيفساء وتماثيل.

وشدد الخبراء المشاركون في المؤتمر على ضرورة الارتقاء بالوعي المجتمعي وتعريف عامة الناس بأهمية الكنوز التراثية والمعالم الثقافية التي يمتلكها المجتمع ففي ظل وجود وعي مجتمعي تكون عمليات التدخل أسهل وأكثر مرونة وتحصل على الدعم والمساندة من أعضاء المجتمع المحلي المعني بالأمر لهذا يتوجب توفير آليات لتعليم المجتمعات المحلية بقيمة وأهمية كنوزهم التراثية.

وأكدوا أهمية الإجراءات الطارئة الواجب اتخاذها لإجراء عمليات تدخل عاجلة لحماية المواقع التراثية.

وأجمع المتحدثون على أن أول من يقع ضحايا للحروب بعد الناس هي الثقافة فالصراعات المسلحة تلقي بظلال ثقيلة على المجتمعات وموروثاتها الثقافية والاجتماعية وكذلك تشكل ضغطا على المجتمع الدولي بما يفرض عليه التحرك عاجلا لانقاذ التراث الإنساني أينما وجد.. وهنا يأتي دور المؤسسات الثقافية كالمتاحف التي تلعب دورا كبيرا في تحريك القدرات المحلية وتفعيل دور الكوادر الوطنية للمساعدة على حماية وصون التراث.

وأشاروا إلى أهمية وجود دعم مالي قوي لمثل هذه الأنشطة حتى تتمكن المؤسسات المعنية من التحرك ضمن فرق عمل لحماية المواقع الأثرية ومواجهة الأفعال التخريبية وسرقة الآثار والإتجار بها بشكل غير مشروع كما يمكن الاستعانة بالمؤسسات الحكومية وتدريب قواتها المسلحة على تفادي الهجوم على مجسدات التراث وكذلك الحفاظ عليها من عمليات السطو وبيعها في السوق السوداء وهو النشاط الذي يدر دخلا كبيرا على المنظمات الإرهابية بما يسهل عليها الاستمرار في أنشطتها.

وشددوا على ضرورة استفادة المتاحف والخبراء من وسائل الإعلام أيضا لمواجهة إعلام الإرهابيين الذي ينشر الخوف وتحفيز المجتمعات للمشاركة في جهود الترميم وحماية التراث وقد ساعد تفعيل دور المجتمع الذي ساهم في جهود ترميم مدينة تدمر من استعادة اللحمة المجتمعية وزرع بذور الأمل في سورية ليس ذلك وحسب وإنما حفزتهم أيضا على بذل المزيد من الجهد لحفظ تراثهم.

وقالوا إنه يمكن للمؤسسات الدولية مراقبة المواقع التراثية خلال فترات الصراع وتأسيس أرشيف لتوثيقها تحسبا لوقوعها في مرمى نيران الصراعات المسلحة وهو إجراء يساعد على تنفيذ عمليات مرحلة ما بعد الصراع.

وأضافوا أنه يمكن للمؤسسات أن تنشيء منظومات ممنهجة لتدوين العنف ضد التراث الثقافي بما يسمح للحكومات والمجتمع الدولي التعامل مع تلك الجهود وفهم إجراءاتها إضافة إلى استخدام التقنيات الحديثة مثل الطائرات بدون طيار التي تقوم بإجراء المسوحات والتصوير ورسم الخرائط بالأبعاد الثلاثة بما يساعد على الذهاب إلى المناطق التي يتم تطهيرها من العناصر الإرهابية وتقييم الوضع والتخطيط للمستقبل.

ولفتوا إلى إمكانية إنشاء المنظمات الدولية مثل منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم " اليونسكو " مجموعة من الإرشادات والبرامج التدريبية للأفراد العسكريين التي من شأنها أن تساعد في التعامل مع المواقع الثقافية وذلك لصعوبة العمل في ظل ظروف الصراعات المسلحة ولهذا يعتبر التعاون مع القوات المسلحة وتشجيعهم على احترام المكانة الثقافية والقيمة التراثية لتلك المواقع قدر الإمكان.

واستعرضوا عددا من الأمثلة على أهمية تفعيل قدرات المجتمع المحلي ..

أبرزها الحالة في مالي حيث تم تحفيز الجهود المحلية لإعادة بناء المعالم الإسلامية التراثية التي تهدمت خلال فترات الصراع وقد وتم تدريب كوادر محلية من مختلف الأطراف في حالة جمعت معا جهود استعادة التراث والتماسك المجتمعي.

وقالوا إن جهود استعادة التراث وترميمه تعتبر ضرورة مجتمعية وليست ترفا يخص فقط المعنيين بالأمر كما يظن البعض وبذلك تستعيد أيضا البشرية جزءا من ثقافتها وتاريخها المتنوع الذي أوشك على الاندثار.

وأوضحوا أنه أمر يستوجب وجود موارد مالية كافية وكوادر مؤهلة ومساندة رسمية وشعبية حيث يتوجب على المؤسسات المعنية العمل مع أعضاء المجتمع المحلي والاستعانة بالخبرات والمواد المحلية لإعادة بناء وترميم ما تهدم أو تعرض للتلف.

وأكدوا أن دور أعضاء المجتمع المحلي على قدر كبير من الأهمية لسرعة إنجاز أعمال الترميم والذين يمكن من خلال توعيتهم أن يسهموا في جهود جمع موارد التمويل ولا زالت هناك العديد من المواقع التراثية حول العالم تنتظر الدعم المالي لاستعادة تراثها على سبيل المثال لا الحصر المواقع التراثية في نقوسيا بقبرص وكوسوفو في جمهورية البوسنة والهرسك.

كما أكدوا أهمية تأسيس صندوق عالمي لتمويل جهود حماية التراث والاستفادة من قدراته سريعا للتدخل الفاعل في المواقع التراثية المهددة بالخطر لتمويل جهود مشاريع الترميم فضلا عن تدريب وتعليم الكوادر المحلية في المناطق ذات الصلة وأهمية تحقيق الهدف في جمع 100 مليون دولار بالشراكة بين القطاعين العام والخاص حيث تلعب اليونسكو دورا أساسيا في الإشراف على إدارة الصندوق كما تقدم مؤسسات خاصة مثل إيكوموس وإيكروم والدرع الأزرق المشورة بشأن أفضل الممارسات.

وشددوا على ضرورة الشراكة بين القطاعين العام والخاص لأنه يساعد على حشد القطاعات المختلفة معا لسبب واحد والتكامل حيث يقدم القطاع العام رأس المال المبدئي لبدء عملية التمويل والإطار التنظيمي والشرعية الاجتماعية والزخم السياسي.. فيما يقدم القطاع الخاص من ناحية أخرى مقومات تنظيم الدعم الشعبي وهو يتمتع بمرونة لاتخاذ مخاطر أكبر في جمع الأموال والدعم ومراقبة المواقع التراثية وصونها..إضافة إلى قدرات الصندوق لتمويل مشاريع حماية وصيانة التراث.

وأشار المتحدثون إلى أهمية الصندوق من الناحية الإدارية حيث سيكون بمثابة مركز لتسيق الجهود بين المبادرات الفاعلة حاليا وفتح قنوات الاتصال بين الخبراء وتوجيه الجهود إلى المسار الصحيح ويكون الصندوق أداة فعالة في رصد الأولويات والقيام بالأبحاث والدراسات تفعيل دور المجتمع المحلي المدني وتفادي تكرار الجهود ووضع التدابير الوقائية والمستدامة.

وأكد الخبراء المشاركون أهمية تأسيس شبكة من الملاذات الآمنة داخل البلدان التي تتعرض معالمها التراثية للخطر أو توفير قدرات المؤسسات الثقافية والمتاحف في الدول الأخرى لتكون ملاذات آمنة كخيار أخير تفرضه الظروف وبناء على طلب من الدولة المالكة للتراث المهدد بالخطر وكذلك أهمية أن تخضع تلك الملاذات الآمنة لإطار قانوني حاكم يضمن عودة القطع الأثرية الثقافية إلى موطنها الأصلي.

وسلطوا الضوء على الأدوار المكملة التي يمكن للمؤسسات الدولية لعبها لحماية ووقاية المواقع التراثية وضربوا أمثلة علي الجهود التي قامت بها المؤسسات المعنية بقضية حماية التراث منها ..

المركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية "إيكروم" : الذي يعمل على إيجاد نظام مستدام للتخزين والمناولة إضافة إلى وضع إرشادات حول الأمور القانونية ومساعدة المتاحف على تطبيق وحفظ البرامج المرتبطة بالأعمال الإنسانية ووضع تقارير التحليل وتقدير الأضرار وأساليب إخلاء الواقع المهددة و تدريب فرق اللانقاذ على سرعة إعداد مستندات التوثيق للحصول على سجل يمكن الاعتماد عليه في مرحلة الترميم .. وذلك من خلال ورش العمل والندوات التثقيفية إضافة إلى تطوير القدرات الوطنية في عمليات الترميم عبر التعاون بين الدول و فتح قنوات التواصل بين مختلف الجهات حتي يتم بناء منظومة شاملة متحدة على ذات الهدف بتنسيق مباشر.

و "اليونسكو": التي تعمل على تأسيس أطر عمل للسياسات والتشريعات القانونية لمحاسبة هؤلاء الذين يدمرون التراث الثقافي إضافة إلى التنسيق على المستوى الإقليمي في كل من العراق وسوريا واليمن وتأسيس استراتيجية عامة والإلمام بجميع الحلول التقنية التقليدية والحديثة للحفاظ على التراث وترميمه و مراقبة مناطق الصراع بانتظام لضمان سلامة إجراءات الاستعداد إضافة إلى تأسيس برامج تدريبية لرفع الوعي المجتمعي وتأهيل كوادر وطنية و إنشاء منصات تبرع عامة لتفعيل دور المجتمع.

والمجلس الدولي للمعالم والمواقع "إيكوموس": الذي تعمل على رفع الوعي من خلال منصات الأخبار وتنظيم دورات تعليمية ومراقبة ممارسات الاضطهاد في مواقع التراث التابعة للأقليات إضافة إلى البحث في الأسباب الجذرية للوضع الإنساني الذي يؤدي إلى تدمير الآثار و إجراء دراسات شاملة من المواقع ووضع خطط قابلة للتنفيذ إضافة إلى تعليم تأهيل الكوادر المحلية في المناطق المعرضة للخطر مثل نقل الدروس المستفادة من العمليات التي تعرضت لها المواقع التراثية في حلب لتطبيق إجراءات وقائية أفضل في دمشق إضافة إلى الاعتماد على تقنيات الهواتف المتحركة لإجراء تقييم في الموقع واستخدام تكنولوجيا البعد الثالث لتكوين النماذج الدقيقة للمقتنيات وتدريب الموظفين على أرض الواقع لاستخدام البيانات التي تم جمعها للمساعدة في حفظ وإعادة التأهيل التراث وتمرميمه.

- حمد - دنا.
وام/حمد/دنا/سلا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وكالة أرصفة للأنباءجميع الحقوق محفوظة 2016